31.7 C
Khartoum
الأربعاء, سبتمبر 17, 2025

سفر القوافي ،،، محمد عبدالله يعقوب : النسيبة ( أم المرة ) .. دخول وخروج بلا عودة !!

إقرأ ايضا

أحد ( الخرطوميين ) أتى بما لم تأت به الأوائل من أهل السودان ، إذ قام بتسفير والدة زوجته التي حلت ضيفة عليه في المساء ، ليقوم بتوديعها في الخامسة من صباح اليوم التالي متكفلا ( بحق تذكرتها ) بحجة أن منزله ضيق ولا يوجد لها مكان فيه .. من قبل تحدثت عن العلاقة مع أهل الزوجة خاصة عندما يتغنى ملك الطرب الفنان كمال ترباس بـ( يا اخوان البنات القده عطشانا .. بتدور الرجال البحملو بطانا.. والبجرى لي نسيبتو مرتو طلقانا .. نسيبة البجري ..) و النسب و( النسايب والنسيب والنسيبة ) هي مفردات من وعاء واحد يحمل عنوانه (أهل الزوج أو الزوجة ) ، والسودانيون يقولون ( النسيب عين شمس ) أي أنه واضح وواضحة أعماله وأخلاقه تجاه العائلة المعنية ، وهم يبادلونه الاحترام والتقدير تبجيلاً للرباط المقدس الذي ربطه بكريمتهم أو الذي يربطها بنجلهم في حالة البنات .
ولكن فإن أهل السودان جميعهم لايجلون النسيب ( الرجل ) كما يفعل أهل دارفور ، خاصة من قبل – بكسر القاف وفتح الباء وتسكين اللام – نسيبته ( أم زوجته ) ، فإنها محرم عليها عرفاً بأن تأكل معه أو أمامه أو أن تكون موجودة في مكان ما ويأتي اليه فجأة ويراها تأكل أو تضحك بصوت عال مما يعتبر عرفاً إهانة له وعدم تقدير .
كما أنها إذا التقت به في الشارع فمن الضرورة أن تجلس على أمشاطها أو ركبتيها لتحيته وهو أيضاً مطالب بتحيتها قاعداً (في قيام قاعدا) كما يفعل العسكريون – فيتبادلان التحية والسلام والسؤال عن الاولاد وعن ابنتها وصحتها – زوجته – وان كان موسراً يضع لها شيئاً من المال في يدها ( حلاوة لقيا أم الحبايب) ثم يتوادعان شريطة أن يذهب كل واحد منهما في الاتجاه المعاكس .
اما احترام الزوج والاخلاص له ، فهي عادة أساسية في دارفور على وجه الخصوص ومن ثم تبدأ في الانخفاض كلما اتجهنا شرقاً حتى تتلاشى في ولاية الخرطوم تماماً ودونكم محاكم الاحوال الشخصية وعدد القضايا المرفوعة من الزوجات ضد أزواجهن .
وفي دارفور وكردفان والشمالية ونهر النيل وربما في ولايتي النيل الابيض وسنار أيضاً فإن النساء في السابق لاينطقن أسماء ازواجهن اطلاقاً مهما كانت الاسباب والدوافع وتناديه بـ( هي – ياهوي – ابوفلان – المك – ابشنب – الدخري – سيد الناس ) وليس سيد البلد فقد سقط سيد البلد ورفيقه الزعيم في امتحان هلال الابيض وانفضت السيرة ، فيما طالبت الجماهير المنتمية للناديين الكبيرين بإعادة تسجيل ( المشاطيب ) الذين ( خلفوا الكية ) للكبار في وضح النهار وأثبتوا ان الاسماء الكبيرة وعراقة النادي التاريخية لاتأتي بالنصر المبين وبأن (الرجالة) الكامنة في قلوب ( أولاد أحمد هارون ) يمكنها أن تأتي لنا بكأس العالم في القريب العاجل .
نعود لعدم مقدرة الزوجة نطق اسم زوجها ، واعود بذاكرتي الى العام 1975م وفي مستشفى العائلات بالسلاح الطبي ونحن صغار نمسك بـ( طرف) ثياب أمهاتنا – أمد الله في آجالهن وحفظهن من كل سوء- وجئنا برفقتهن لإجراء ( القروحة ) أي التطعيم ضد السحائي وكانت برفقتنا الخالة الشايقية وابنائها فسألها الممرض ذو الشريطين ( أمباشي اصيل) قائلاً : انتو اولاد منو ؟ وهو ممسك بالقلم والدفتر الطويل ، فقالت على البداهة : نحن أولاد حماد ..ثم صمتت برهة واصبحت تصيح بصوت شبه عال وفي تكرار يصاحبه الهزيان : ( وا شريري قت حماد .. وا شريري قت حماد .. وا شريري قت حماد ) أي انها نطقت إسم زوجها صراحة فأنظروا الى الجمال والأدب والأخلاق السودانية الاصيلة التي تتحلى بها خالتنا الشايقية الرفيعة ..
فضحكنا نحن الصغار ورسخ الموقف في ذاكرتنا .. ولكن الخالة الشايقية كانت اصيلة جداً ، ورفضت الخطأ غير المقصود برغم عدم وجود العم ( حماد الصول ) لحظتها .
ان اراد الزوج ان يعيش سعيدا فلتكن علاقته مع أمريكا طيبة قدر الامكان وأعنى ( النسابة ) اذ يمكنهم ان يطبقوا عليك ( حظرا ) أقسى من الحصار الإقتصادي الذي تطبقه بلاد العام سام على بلادنا لأكثر من 33 عاما دون أية أسباب مقنعة .
خروج أخير
إنفراجة طيبة وسط دوي المدافع وسقوط الدانات حققها لنا جيشنا ( جيش الهنا ) وجعلنا نعود ولو للحظات للكتابة في العادات والتقاليد السودانية السمحة .. نصر الله قواتنا المسلحة والقوات المشتركة والأمن والشرطة والمستنفرين والمستنفرات وجموع الإعلاميين الوطنيين الداعمين لمعركة الكرامة .

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة