في لحظة انتصار للحق، وتكليل لمسيرة من النضال الإعلامي الشريف، استقبلت مدينة كسلا الخضراء ابنها البار، الصحفي الكبير الأستاذ عبدالجليل محمد عبدالجليل، بعد الإفراج عنه، وسط مشاعر غامرة من الفخر والامتنان والفرح العارم الذي عمّ الأوساط الصحفية والشعبية على حد سواء.
من تراب كسلا ولد، ومنها نهل الوفاء
ولد عبدالجليل في أحياء كسلا النابضة بالطيبة والجمال، وتربى بين أهلٍ عرفوا بالمحبة والصدق والكرم، فكان صورةً صادقة لتلك القيم التي نشأ عليها، فامتزج فيه صفاء النيل بجسارة التلال المحيطة، وخرج إلى ميدان الصحافة يحمل همّ وطنه في قلبه، وراية الحقيقة في يده، لا يهادن ولا يجامل.
كسلا… تعشقه وتعلي من شأنه
لم يكن عبدالجليل يوماً مجرد صحفي في أعين أهل كسلا، بل كان صوتهم، وضميرهم، ولسان حالهم، في زمن عزّ فيه الصدق، وندر فيه أصحاب المواقف. أحبوه كما يحب النيل ضفافه، واحتفوا به كما تحتفي الشمس بزهر الأرض. ظل وجهاً مشرقاً يمثل المدينة في عيون الإعلام السوداني، وواحداً من أبرز أعلامها الوطنية الذين لم تغرّهم المناصب ولا أضواء العاصمة.
مصداقية لا تعرف الانكسار
خمسون عاماً من العمل الصحفي المهني الصادق، جعلت من عبدالجليل مدرسةً متفردة، وشاهداً نزيهاً على تحولات البلاد السياسية والاجتماعية. قلمه كان حاداً كالسيف، وعادلاً كميزان الحق، لا يعرف المجاملة على حساب الحقيقة، ولا يتردد في مواجهة أصحاب النفوذ إن جاروا أو فسقوا.
مقاله الجريء الذي تناول فيه فساد إدارة الحج، لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فقد عُرف عبدالجليل بملاحقته للفساد أينما وُجد، دون أن ترهبه الأسماء أو المناصب. كان، وسيظل، من أوائل الذين آمنوا بأن الكلمة مسؤولية، وبأن الصحفي ضمير أمة، لا مجرد ناقل أخبار.
الحرية لك… وللحق دائماً الغلبة
إن إطلاق سراح الأستاذ عبدالجليل ليس فقط انتصاراً له، بل هو رسالة مدوية بأن الكلمة الحرة لا تُعتقل، وأن الصحافة النزيهة أقوى من أي قيد. هو اليوم بيننا، شامخاً كما عهدناه، مزهواً بمحبة الناس واحترامهم، وقد خرج من محنته أقوى، كما يخرج الذهب من النار أكثر نقاءً ولمعاناً.
ختاماً…
يعود عبدالجليل إلى الساحة، لا ليأخذ قسطاً من الراحة، بل ليواصل حمل قلمه المسلول في وجه كل من يحاول العبث بمقدرات الشعب. تعود الحقيقة إلى صهيلها، ويعود شيخ المراسلين إلى منصته، شاهداً وناصحاً ومقاتلاً بالكلمة.
أهلاً بك في فضاء الحرية يا عبدالجليل، وكسلا وكل السودان تفتخر بك.