ترقبوا كتابي عن مدرسة الانصرافي الايام القادمة ان شاء الله
1. ظاهرة إعلامية فريدة لن تتكرر
– في زمنٍ أصيبت فيه الصحافة بالجمود، وبينما اختبأ كثيرون خلف الأضواء المصطنعة، ظهر الانصرافي كـ لهب لا يُروّض، لا يشبه الصحفيين، بل يشبه الوطن الجريح حين يقرر أن ينهض.
صوته لم يكن فقط ناقلًا للحدث، بل كان الحدث ذاته. حضوره ليس مجرد تغطية إعلامية، بل موقف، وطني، وجداني، ومقاتل في صفوف الكلمة الحقة.
> “أنا ما بعلق على الأحداث… أنا الحدث ذاته!” – الانصرافي
2. صحفي لا يُشبه الصحفيين.
– الانصرافي لم يتعامل مع المايكروفون كأداة، بل كـ سلاحٍ في معركة الحقيقة. لم يرضَ بلعب دور الراوي الحيادي، بل اختار أن يكون الضمير المجروح للناس.
كان صحفيًا في خندق، لا في استوديو. في مقدمة الصف، لا في قاعات التحرير المكيفة.
> “الصحافة دي ما كرسي ومكتب… الصحافة دي طلقات بتفك الغصة في صدور الناس!”
– بهذه الجملة التي أصبحت خفشة قومية، لخّص فلسفته الإعلامية. لقد جعل من الصحافة فعل نضال يومي، يتنفسه المواطن البسيط حين يشعر أن هناك من يقول عنه ما لا يستطيع قوله.
3. قائد للرأي العام وصوت الميدان
– لا يمكن الحديث عن الانصرافي دون الإشارة إلى تأثيره الآني. كل ظهور له كان حدثًا شعبيًا، يترقبه الناس، يلتفون حوله كما يلتفون حول الراديو في أزمنة الثورة.
صوته المبحوح، نبرته الواثقة، وتحليلاته الحارقة، جعلت منه بوصلة وعي.
– “أنا جيت أفتح جرح البلد وأقول للناس: ده هو، شوفوه، خيطوه ولا خلوه ينزف!”
– عباراته صارت شعارات تُردد في المواكب، وتُكتب على جدران العاصمة، وتحفظها الأمهات كما تحفظ الترانيم القديمة.
4. يعلو فوق الإعلام التقليدي
– الانصرافي لم يكن مجرد مذيع أو محلل سياسي، بل رؤية إعلامية كاملة. أدار ظهره للتقارير النمطية، وركل صيغ التحليل البارد، وابتكر مدرسة إعلامية سودانية حرة، صادقة، مقاتلة.
– “الإعلام دا ما ستاير ونشرات… الإعلام دا خندق وبيان في ضهر الوطن!”
– بهذا الشعار، رسم حدود معركته، وأعلن موقعه: حيث يقف الوطن، هناك يقف الانصرافي، بالكاميرا، بالكلمة، وبالجرأة التي لا تُشترى.
5. مادة تستحق الدراسة الأكاديمية عالميًا
– شخصية مثل الانصرافي لا يجب أن تبقى في حدود الذاكرة الشعبية فقط، بل يجب أن تُدرّس في كليات الإعلام، وتُحلل أدواته، وخطابه، وتأثيره الجماهيري.
لقد استطاع أن يصنع إعلامًا تحريضيًا ووجدانيًا في آنٍ واحد، وهو ما عجزت عنه المنصات العالمية.
قال مرة:
> “أنا داير أشوف الوطن واقف في نص الخرطوم يقول: أنا هنا!”
– من هذه العبارة، يجب أن تبدأ دراسات الإعلام الوطني المقاوم، لا من نظريات الغرب الباردة.
6. يلهب الوجدان قبل أن يُلهب العقول
– ما يميز الانصرافي عن غيره، أن حديثه لم يكن جافًا، بل يطرق القلوب قبل أن يخاطب العقول. لم يكن يحلل فقط، بل كان يبكي حين يذكر أم شهيد، ويصرخ حين يرى خذلانًا، ويضحك رغم الدموع، في واحدة من خفشاته التي أصبحت خيط أمل:
> “أنا صوت الأمهات… الواقف في الطين وبسأل: ولدي راجع متين؟”
– “أنا زول ما بجي أقول عليكم السلام… بجي أقول عليكم البلد، وين ودّيتوها؟!”
7. خفشات تحوّلت إلى رموز وطنية
– لم تكن خفشات الانصرافي مزاحًا، بل أدوات لشحن الوجدان الشعبي، اختار مفرداته من التراث، والحارة، والميدان، وجعلها رصيدًا ثقافيًا شفاهيًا. ومنها:
– “أنا ما صحفي قعدات كافتيريا”
– “الحاصل دا ما تحليل… دا قهر، وأنا قايل أتكلم عنو بالصوت العالي”
– “أنا زول بمشي على الجرح وبسأل: دا دم منو؟”
– “بلدنا ما محتاجة لكلام، محتاجة لرجال بيلبسوا الكلمة زي دروع”
هذه الجمل أصبحت جزءًا من هوية إعلامية وطنية تستحق التوثيق والتخليد.
8. خاتمة: لن يأتي مثله… لأنه يشبه الوطن نفسه
– الانصرافي ليس صحفيًا مرّ على البلاد، بل مرآة ناطقة لجراحها وأحلامها. هو الصحفي الذي تخشاه الأنظمة وتثق فيه الشعوب.
وإذا أراد أحد أن يعرف ما تعنيه “الصحافة الوطنية”، فلينظر إلى الانصرافي:
> “أنا داير أقول للناس: الإعلام دا كان بقول الحقيقة زمان… وأنا جيت أرجعو للحقيقة من تاني!”.
*** ترقبوا كتابي عن مدرسة الانصرافي ***