38 C
Khartoum
السبت, يونيو 7, 2025

عودة الكرامة: نداء من أجل نازحي الخرطوم بالقضارف بقلم : خالد المصطفى اعلام لواء الردع

إقرأ ايضا

لقد سطَّرت ولاية القضارف بأهلها الكرام، فصلًا من أروع فصول الإنسانية والتضامن. فاستقبالهم للنازحين والمتأثرين بالحرب ، لم يكن مجرد مأوى، بل كان نموذجًا مشرفًا يؤكد أصالة المعدن والكرم الفياض الذي عُرف به أبناء هذه الأرض الطيبة. لقد فتحوا بيوتهم وقلوبهم، وقدموا المأوى والطعام والشراب والعلاج بطيب خاطر ورحابة صدر، مستذكرين تجربتهم المتفردة في إيواء وافدي الجزيرة وسنار. هذا الكرم سيظل منقوشًا في الذاكرة، تلهج بأجله ألسنة النازحين بالشكر والوفاء.

ولكن… بين الماضي والحاضر، يقف الحاضر بأعبائه:

اليوم، وبعد أن أكرم الله أهل الخرطوم بتحرير ديارهم، يجد أكثر من مائة ألف نازح من الخرطوم مقيمين في القضارف أنفسهم على مفترق طرق صعب. لقد تحررت الديار، لكن سبل العودة تقطعت بهم. إنهم يشتاقون إلى بيوتهم، إلى حياتهم، إلى استعادة شيء من الاستقرار الذي مزقته الحرب. ومع ذلك، تقف الإمكانيات المادية واللوجستية عائقًا جاثمًا أمام تحقيق حلم العودة.

– لجنة الأمل.. وتحديات الواقع:
– تشكلت اللجنة تسير نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف بمبادرة خرجت من رحم معناة الشعب وامانة حكومة ولاية القضارف وبالتنسيق مع الرعاية الاجتماعية ولاية الخرطوم وشرعت في عمل جاد وحثيث. تم حصر وتسجيل أكثر من عشرين ألف نازح مستهدفين للعودة في المرحلة الأولى (“لتفويج اكثر 20,000 نازح”). وضعت اللجنة خطة محكمة تراعي الجوانب الأمنية والصحية والتوزيع الجغرافي بالعاصمة الذي يراعي كل المهددات لضمان عودة آمنة ومنظمة.
– الا ان اللجنة واجهة عقبات:
– واجهت اللجنة منذ انطلاقته صعاب كبّلت قدرتها على التنفيذ الفعلي. فرغم إيداع الخطة الرسمية والتفصيلية، فإن تمريرها قوبل بـ عوائق غير مبرر وتاخير في الإجراءات من بعض الجهات ذات الصلة. كثير من الترتيبات التي كان يمكن إنجازها في أيام، امتدت لأسابيع، تحت ذرائع واهية لا تصمد أمام المنطق، مثل “عدم جاهزية العاصمة” أو “ضرورة مراجعة بيانات إضافية”، بينما الواقع يتتطلب الحاجة العاجلة للعودة. وان تاخير العودة ألقى بظلال ثقيلة على نفسيات النازحين الذين كانوا يأملون في العودة قبل عيد الاضحى.
– لكن الطريق ما زال طويلاً:
– تواجه اللجنة تحديات جسيمة في إتمام الإجراءات العملية للترحيل:
1. تعقيد الإجراءات: إشكاليات في استكمال متطلبات السفر والترحيل صعوبة في عملية التفويج.
2. ضيق الوقت: يخشى النازحون، وخاصة من يقيمون في مساكن من القش، من دخول فصل الخريف بكل ما يحمله من أمطار ورياح، مما يهدد سلامتهم في بيئة إقامتهم الحالية القاسية و وتخوفهم تعرضهم للعقارب والثعابين.
3. الحاجة الماسة للدعم: انتظار أكثر من شهرين منذ التسجيل يزيد من معاناة النازحين ويُشعرهم بالقلق.
– إشادة وتقدير:
لا بد هنا من الإشادة بالجهود المبذولة، خاصة:
– تعاون إدارة الرعاية الاجتماعية ببلدية القضارف، ممثلة في السيد عباس بله، الذي وفر كافة امكانياته بتجهيز مكتب وموارد لدعم عمليات لجنة الإسناد في التسجيل وجهود ترحيل نازحين سابقًا كان له دور كبير في ترحيل ولاية الجزيرة وسنجة وسنار ، وفي تجاوبه فتح جميع مكاتبه ومشاركة موظفيه في برنامج العودة الطوعية وتعتبر هذه خطوة مهمة لإعادة الحياة للعاصمة.
– الجهود المستمرة للجنة نفسها في العمل وسط الصعوبات.
– فأين المخرج؟ نداء عاجل إلى كافة الجهات:
– إن ما تقوم به لجنة الإسناد هو جهد إنساني ووطني جبار، ولكنه لا يستطيع النجاح بمفرده.و نجاح عملية العودة الطوعية الآمنة والكريمة يتطلب تضافرًا غير مسبوق وبذلك:
1. نناشد حكومة ولاية الخرطوم: بالتنسيق مع حكومة ولاية القضارف تسريع الإجراءات، وتذليل الصعاب وتوفير التمويل اللازم للترحيل.
2. نناشد حكومة ولاية القضارف: مواصلة الدعم اللوجستي والإداري للجنة الإسناد وتسهيل عملها على الأرض والعمل وازالة الصعاب التي تواجه لجنة الاسناد.
3. نناشد ديوان الزكاة والرعاية الاجتماعية بالقضارف : تفعيل دورهما المحوري في تقديم الدعم العيني والمادي المباشر للنازحين ولعملية الترحيل وتسهيل وتبسيط الاجراءات فيما تخص خطة العودة
4. نناشد المنظمات الوطنية والدولية: تقديم الدعم الإنساني العاجل (وسائل نقل، مواد إغاثة، دعم صحي) خاصة مع اقتراب الخريف.
5. نناشد رجال الأعمال والشركات والاتحادات: المساهمة بمواردهم ( البصات، الدفارات، تبرعات مالية) لتنفيذ والبدء في عمليات الترحيل بالتسيق مع الجهات المعنية ببرنامج العودة الطوعية.
6. نناشد المحسنون وأهل الخير: مد يد العون بالتبرعات التي يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًّا في تسريع العودة.
الخلاصة:
– أهل الخرطوم ينتظرون في القضارف، ليس فقط عودة إلى بيوت، بل عودة إلى كرامة، واستقرار، وحياة. إن تمكينهم من العودة الطوعية الآمنة والمنظمة هو واجب وطني وإنساني. دعم لجنة الإسناد تسهيل وتبسيط الاجراءات من أمامها هو السبيل العملي الوحيد لـ تفويج اكثر من 20,000 نازح المستهدفين، وفتح الباب لعودة الجميع.
– لنعمل معًا، كل من موقعه، لتعود الخرطوم عاصمة تضج بالحياة، رمز السيادة الوطنية، ليس فقط ببناياتها، ولكن بقلوب أهلها النابضة تحت سمائها. الوقت ليس في صالحنا، والخريف قادم. فلنمد جميعًا يد العون الآن.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة