35.4 C
Khartoum
الثلاثاء, سبتمبر 16, 2025

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب في غرب كردفان .. الدعيتر أشهر من البرهان !!

إقرأ ايضا

يظل أكثر السياسيين خبرة وعلما وحنكة في إنتظار اليوم الذي يشار اليه بالبنان اينما سار في ربوع بلاده ليجد التبجيل والإحترام طوال حياته ، ولكي يصل الى تلك المرحلة من الشهرة المطلقة عليه أن يقدم الكثير من ماله وجهده وأن يكلم الناس في المدن والقرى والفرقان بما يحبون أن يستمعوا إليه من خلال وعود مرهونة بالتحقيق على أرض الواقع في كل شئ يدغدغ أحلامهم البسيطة من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وتموين يجعلهم يملأون ( قفة الملاح) بأرخص الأسعار ، ولا أقول كيس الخضار فقد رحل الى مقبرة التاريخ غير مأسوف عليه وأعني ( كيس البلاستيك) ، لأن الشهرة في جميع المجالات غير المقترنة بالفنون والآداب والمعروفة في جميع لغات العالم بـ( الإبداع ) تظل شهرة مكلفة وقد يكون ثمنها غاليا كالذي دفعه الرئيس الأمريكي الأشهر جون كنيدي أو رولاند ريجان الذين تعرضا للضرب بالرصاص فقضى الأول مأسوف عليه ونجا الثاني بعد أن أخطأه عاشق الممثلة الأمريكية جودي فوستر الذي لم يجد طريقا الى الشهرة سوى محاولة قتل رئيس اكبر دولة في العالم – أمريكا – لأن الجميلة قالت له لن أغرم بك لأنك غير مشهور .
ولكننا طوال أسبوع كامل ، كنا نجوب أصقاع ولاية غرب كردفان ضمن قافلة تعزيز ثقافة السلام بقيادة البروفيسور الحاج أبا آدم عميد معهد دراسات السلام بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وعدد من الدكاترة والدعاة بهيئة علماء السودان والمدربين والطاقم الإعلامي ، وكنا كلما حللنا بمحلية طرفية يحدث شئ غريب رغم وجود أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة ، إلا أن الأهالي من البسطاء كانوا يهرعون خلف الممثل الكوميدي مختار بخيت الشهير بـ( الدعيتر ) والذي تناول قضاياهم في عدد من إسكتشاته المسرحية المتلفزة التي أخذت طريقها الى ذواكر الهواتف المحمولة من قبل عبر ( اليوتيوب ) ، فكانوا يتحلقون حوله في الأسواق والطرقات داخل المحليات والقرى والأرياف حتى في نقاط التفتيش ، كان الجنود يحيونه وينادونه بإسمه الفني ( الدعيتر ) وهم في غاية الفرح لوصول بطلهم اليهم في اماكنهم ليرونه ( شحما ولحما ودم ) ، وأذكر أننا دخلنا في منتصف نهار الإثنين الى إدارية الحجيرات بمحلية السلام بغرب كردفان ، ولم تكن الجهات المسؤولة قد أعلمت المواطنين بأن القافلة ستزورهم ، بما أننا قد دخلنا الإدارية من أبوابها الخلفية والناس منشغلون في السوق الإسبوعي ( الإثنين) ، خرجت أنا ( الإعلامي المرافق ) الي أقرب تجمع وقلت لهم إننا جئنا إليكم لنقدم لكم ورشة عن التعايش السلمي وفي معيتنا فنانة وممثل كوميدي أسمه الدعيتر ، فتركوا كل شئ وساروا خلفي حتى مقر العمدة في السوق وإقتلعوا الدعيتر وخرجوا به الى واجهة المقر فتجمهروا حتى شعر أعضاء الوفد بالداخل بالحرارة الشديدة ، فأوعز العمدة لمساعده أن يخاطب الناس بأن الملتقى سيكون في ( شجرة العرديبة الكبيرة بمدرسة الأولاد) ، ولكن الزحام في تزايد شديد ، حينها طلب البروفيسور أبا من الدعيتر أن يذهب راجلا الى المكان فخرج وتبعته الجماهير بين معانق له وملتقط لصورة سيلفي معه ، وبين صائحة بإسمه ومطلقة زغرودة داوية وهكذا حتى وصل مختار بخيت الى موقع االحفل النهاري إذ لا كهرباء في تلك الإدارية ولا أي مظهر من مظاهر المدنية فيها ، وتوالت الفقرات حتى أمسك الدعيتر بالمايك فكان الهتاف والتفاعل الفريد ، وعندما أزف الوقت للمغادرة رفضت الجماهير مغادرته ، ولكن الفراق كان حتميا .
إذن فإن الفعل الثقافي الملتصق بثقافة الناس ومخاطبتهم بذات اللسان له فعل السحر بل هو أقوى من جميع الأكاديميات بحساب واقع هذا المشهد الحي ، وتعزيز ثقافة السلام يجب أن تمر عبر الفنون بأنواعها ، فقد بذل شباب الحجيرات مالهم الجزيل وهم يرمون بالبنكنوت ورقة ورقة على رأس الفنانة يسرية الغالي وهي تغني لهم الأغنيات الوطنية والعاطفية بفرقتها الموسيقية المدهشة ولعل جل سكان تلك الأصقاع لم يشاهدوا آلة موسيقية عن قرب على الإطلاق إلا في ذلك اليوم .
فإن شعار وزارة الثقافة السابقة ( الثقافة تقود الحياة ) كنت أظنه شعار للإستهلاك السياسي والكسب الرخيص ولكني أيقنت أنه حقيقة واقعة وتحتاج الى المال والعقول والوطنية دون إنتماء سياسي ، فدعوا الكوميديان الدعيتر ورفاقة في الدعوة والتدريب والموسيقى والغناء يطوفون أرجاء السودان من أجل وطن يعشق الإبداع الى حد الجنون لتسكت لعلعة الرصاص الى الأبد والكلام ( صرة في خيط ) نهديه للأستاذ خالد الإعيسر وزير الثقافة والإعلام الإتحادي ۔
خروج اول
وزير الثقافة والإعلام الطيب سعد الدين جاد لنا بخير وفير تلقيناه نحن جموع رابطة الصحفيين بكرري بشكر بالغ ، اذ أننا ظلننا نعاني الأمرين منذ بداية الحرب حتى سلة الوالي احمد عثمان حمزة ووزيره الطيب سعد الدين ونأمل ان يستمر العطاء لأن كل الصحفيين بكرري لايعملون في اي مؤسسة سوى المنصات الإسفرية وحالها يغني عن سؤالها ، إذا لا رواتب ولا حوافز وعلى الوزير الهمام ان ( يشيل أخوانه ) خاصة وانهم اصحاب اسر عجزت أو آثرت البقاء في خرطوم الصمود ومساندة اسود الحيش السوداني في معركة الكرامة الفاصلة ۔
خروج أخير
ستظل الولاية الشمالية عصية على المليشيا ، ويكفي ان فبها رماة الحدق الذين تحدث عنهم التاريخ طويلا ۔۔ فلا مسيرات المليشيا ولا مشاتها بقادرين ان يمسوا ترابها المعتق بقوة بعانخي العظيم ، فهي مقبرة الغزاة منذ سبعة ألاف عام ۔

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة