19.3 C
Khartoum
الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الحرب العادلة وتحديات بقاء الدولة السودانية د.رجاء عبدالله الزبير

إقرأ ايضا

يشهد السودان حرباً غير مسبوقة في حدتها وبشاعتها وكاننا لم نختبر حروباً من قبل،أستُهدف فيها المدنيون بشكل ممنهج ،وحُوًلوا إلى أهداف مبررة للقتل أو التهجير ،مما أضطر آلاف السكان إلى ترك كل شيء والفرار إلى مناطق أكثر أماناً من أجل الحفاظ على أرواحهم وأعراضهم ،وبالرغم من أن عائلات كثيرة وجدت المأوى مع الاقارب والاصدقاء ،لم يكن أمام عائلات أخرى لاحصر لها أي خيار سوى البحث عن مكان يؤويهم في المدارس والمساجد والبنايات تحت الإنشاء، ولا يملك هؤلاء النازحون إلا الملابس التي تستر أجسادهم.
وفي كل يوم منذ أن بدأت الحرب تتوالى قصص مروعة تقطر ألماً وتفوح منها رائحة الموت، ويتهدد الخطر حياة الكثيرين ممن عجزوا عن مغادرة مدنهم لأنهم ببساطة لا يستطيعون تحمل تكاليف السفر لضيق ذات اليد، وبات على أولئك الذين لم يبرحوا مناطق العمليات العسكرية مواجهة المخاطر التي تهدد حياتهم.
وبالرغم من مآسي الحرب الكثيرة والأجواء الملتهبة، قدم لنا أبناء الوطن دروساً مضيئة ،في الدفاع عن أوطانهم وأعراضهم،يقفون جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة في هذه اللحظات الفارقة يخضون معركة حاسمة للقضاء على العدوان الصادر من أطراف داخلية ودولية ،حماية للوطن من محاولة تفكيكه والدفاع عن سيادته ،مما يؤكد الوحدة الوطنية والتماسك بين المواطنيين والقوات المسلحة في خوض حرباً عادلة،في مواجهة عدوان ميليشيا الدعم السريع والاطراف الدولية المساندة لها.
وقد أجاز ميثاق الامم المتحدة للدول ممارسة سلطاتها الواردة في الفصل السابع بإستخدام القوة العسكرية إستناداً لحقها في الدفاع عن النفس بموجب المادة (51) لرد التهديدات الموجهة إليها، وضمان سلامة مواطنيها عند تعرضهم لعدوان عسكري،الذي يُعد إنتهاكاً لسيادة الدولة وفقاً لميثاق الامم المتحدة ، ويشترط أن تكون الدولة في حالة ضرورة وأن يكون إستخدام القوة هو الخيار الاخير ، ويكون الرد متناسباً مع حجم الإعتداءات والتهديدات.
في سياق الهجوم العسكري الذي شنته ميليشيا الدعم السريع ،بالتعاون مع جهات دولية تجاوزت فيها كل الحدود الممكن تصورها، وضربت عرض الحائط بالشرعية الدولية، لم يكن أمام القوات المسلحة والاجهزة الامنية الاخرى خيار سوى إستخدام حقها المشروع الوارد في ميثاق الامم المتحدة ،والقانون الدولي الإنساني في مواجهة هجوم ميليشيا الدعم السريع وداعميها غير المبرر ، للحفاظ على سيادة السودان وصون كرامته،في هذه الاوقات الحاسمة يظهر أبناء الوطن في أبهى صور الوحدة والشجاعة يقفون بكل ثبات مع القوات المسلحة ،تاكيداً على قدرة الشعب على الصمود امام التحديات الكبرى ،هذا التضامن يعكس قوة الارادة الوطنية التي تسعى الى الحفاظ على وحدة السودان واستقراره لخوض حرباً عادلة للدفاع عن الوطن، في مواجهة التهديدات المتنافية مع مقاصد الامم المتحدة المنصوص عليها في أحكام المادة (2/4) من ميثاق الامم المتحدة.
ويمنح القانون الدولي والوطني للقوات المسلحة النظامية التي تقود السلطة التنفيذية والسيادية في الدولة الحق في التنسيق مع القوات شبه العسكرية والوحدات المتطوعة من أبناء الوطن الذين إنضموا من تلقاء أنفسهم للمشاركة في دعم المجهود الحربي حسب الحاجة في حالة الحرب أو الطوارئ، لتصبح هذه القوات جزءاً من العمليات العسكرية،لتحقيق أهداف مشروعة مستندة على مبادئ العدالة للدفاع عن الدولة السودانية من المخاطر والتهديدات الخارجية،لكن من الضروري لهذه القوات الإلتزام بالمعايير القانونية والاخلاقية في إدارة الحرب،وأن يقتصر إستخدام القوة على الهدف الدفاعي لمواجهة التمرد الداخلي والتهديدات من دول وقوى خارجية.
وبالرغم من أن السودان قد أبلغ مجلس الامن بالعدوان الصادر من أطراف داخلية ودولية ،مطالباً بإتخاذ خطوات في مواجهة العدوان ودفع الضرر الذي تعرض له وفقاً لسلطاته الوارده في ميثاق الامم المتحدة،إلا أنه لم يحرك ساكناً ،رغم دوره المفترض في الحفاظ على السلم والامن الدوليين، مما يدل على اننا نعيش اليوم في ظل نظام عالمي واسع الإنتقائية لا يتفق مع أبسط قواعد العدالة ،لذلك لم ولن يتخذ المجلس أي تدابير تجاه الدول التي أعتدت على السودان بسبب تأثير القوة والمصالح الإقتصادية التي تحدد سياساته أكثر من الإلتزام بقواعد القانون الدولي هذا التوجه يفتح المجال لإنتهاكات حقوق الدول الصغيرة ،ويثير تساؤلات حول فعالية وحيادية المؤسسات الدولية في معالجة الازمات بشكل عادل.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة