في ظل تصاعد الخطر المحدق بالشباب، أعلنت شرطة ولاية الق عن تشكيل جسم متخصص لمكافحة الظواهر السالبة، كخطوة عملية للتصدي للانتشار الكارثي للمخدرات والسلوكيات المنحرفة، والتي باتت تهدد النسيج الاجتماعي وتستنزف طاقات المجتمع.
المخدرات بأنواعها – وعلى رأسها “الشاشمندى” و”الآيس” والحبوب المُخدِّرة – لم تعد تقتصر على الفئات الهامشية، بل أصبحت مهدد للمدارس والجامعات والأحياء، محدثة شروخًا عميقة في قيم المجتمع السوداني المحافظ، ما يجعل التحرك الأمني والمجتمعي واجبًا لا يحتمل التأجيل.
القرار ليس جديدًا… لكن التحدي في التنفيذ
هذه الخطوة من قبل السيد مدير الشرطة تأتي امتدادًا لمحاولات سابقة، حيث تم خلال فترة الوالي الأسبق تشكيل لجنة عليا وأخرى فنية لمحاربة الظواهر السالبة. وقد تقدّم عدد من الشباب والجهات المدنية بدراسات وأطروحات وافية، من أبرزها دراسة متكاملة قدّمها الأستاذ عبدالملك سرالختم، .
كما قدّم الدكتور أسامة كوتشم دراسة علمية متميزة لمكتب الوالي الأسبق الأستاذ محمد عبدالرحمن، تضمنت تحليلات معمقة وحلولاً عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. وهي واحدة من الجهود التي تستحق التقدير والدعم.
وعليه، فإننا نناشد السيد مدير شرطة الولاية تبني هذه المبادرات والمبادرين، والرجوع إليها كمرجعية، والاستفادة من الجهود العلمية والعملية التي بُذلت، وعدم إعادة اختراع العجلة من جديد.
نجاحات شبابية مشهودة… وتجارب يجب تعميمها
من الدلالات المشجعة، أن العديد من المجموعات الشبابية في الولاية أثبتت قدرة حقيقية على التصدي للظواهر السالبة عبر مبادرات مجتمعية، وبرامج توعوية، وفعاليات فنية ورياضية جذبت الشباب بعيدًا عن مستنقع الإدمان والانحراف. وقد نجحت بعض هذه المجموعات في تقليل نسب التعاطي في أحيائها، بل وأطلقت حملات لمراقبة البيئات التي تنتشر فيها تلك الآفات.
هذه النجاحات تؤكد أن الشباب ليسوا فقط ضحايا، بل هم جزء من الحل. لذا فإن أي جسم يُشكَّل لمحاربة هذه الظواهر يجب أن يكون شاملاً، تشاركياً، ويستوعب الكفاءات الشبابية والجهات المجتمعية، باعتبار أن المعركة في جوهرها اجتماعية أكثر من كونها أمنية.
يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمل… إنها كارثة حقيقية
إن الواقع الذي نعيشه لا يسمح بالتغاضي أو المجاملة. يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمل، فالوضع كارثي بكل المقاييس، ويهدد حاضر ومستقبل شبابنا. ولذلك، فإن الوقوف خلف مثل هذه القرارات ليس خيارًا، بل واجب مجتمعي وأخلاقي. علينا أن نُساند بكل ما نملك – بالرأي والمشاركة والمبادرة – حتى نضمن نجاح هذه الخطوات المصيرية.
المحاسبة والرقابة… أساس نجاح أي مبادرة أمنية
في المقابل، نطالب أن يُرافق هذه الخطوة نظام واضح للمحاسبة والشفافية، وأن تخضع القوة المسؤولة عن هذه المهمة لرقابة كبار الضباط وكبار ضباط الصف ، ضمانًا لعدم التعدي على الحريات أو المساس بكرامة المواطنين. فمحاربة الفساد والسلوك الإجرامي لا تعني إطلاق العنان للتجاوزات. هذه دولة قانون، والعدالة ركن أساسي في أي إصلاح.
رسالة إلى المتشككين: زر مكتب مكافحة المخدرات… وستعرف الحقيقة
ولمن يستنكرون هذه الخطوة بدعوى أنها تُغطي على قضايا أخرى أو تفتح الباب أمام التجاوزات، نقول: يكفي أن تزوروا مكاتب مكافحة المخدرات لتروا بأعينكم نسب التعاطي والترويج وسط الشباب، وهي نسب تدق ناقوس الخطر، وتُحتم علينا جميعًا، كمواطنين، أن نتكاتف لحماية أبنائنا.
دعوة صريحة للمشاركة المجتمعية
نأمل من السيد مدير شرطة الولاية فتح الباب أمام مشاركة المجتمع، خاصة فئة الشباب، في صياغة الرؤية، وتنفيذ الخطط، وتقويم الأداء. فكلما كانت المبادرة قريبة من الناس، كلما نجحت أكثر.
وختامًا، نؤكد أن تكوين جسم لمكافحة الظواهر السالبة ليس فقط قرارًا أمنيًا، بل هو موقف وطني ومسؤولية جماعية. ومع الرقابة، والمشاركة، والمحاسبة، فإننا على موعد مع تغيير حقيقي يُحصّن أبناءنا ويعيد للمجتمع عافيته.
يونيو 2025