أيُّ قلبٍ هذا الذي يطاوعه أن يرفع السلاح في وجه معلمة تقف في محراب العلم لتؤدي رسالتها السامية؟
وأيُّ ضميرٍ يقبل أن تُنتهك كرامة من صاغت الأجيال بعلمها وصبرها؟
اليوم، بمدينة أم درمان شارع الوادي، تسعة طويلة مسلحين يعتدون بكل جراءة على معلمة بمدارس أبوذر الكودة، وينهبون كامل مقتنياتها تحت تهديد السلاح. حادثة ليست عابرة، بل صرخة مدوية تكشف عمق الخلل الأمني والأخلاقي في بلادنا.
إن المسؤولية هنا لا تتجزأ ولا تتنصل:
▪️الأجهزة الأمنية مطالبة باليقظة والانتشار لتأمين حياة المدنيين وحماية المدارس والطلاب والمعلمين والمواطنين. فأي تقاعس يفتح الباب مشرعاً للفوضى.
▪️الحكومة تتحمل واجبها في سنّ وتطبيق القوانين الصارمة لنزع السلاح من أيدي المستنفرين المتفلتين الذين يشكلون العصابات والمليشيات، وتأمين بيئة للمواطن.
▪️المجتمع بدوره يجب أن يكون حائط صد ضد هذه الممارسات، برفض التستر على المجرمين،.
▪️الجانب الأخلاقي يفرض علينا أن نعيد الاعتبار لمكانة المربي، فهو ليس مجرد موظف يؤدي واجباً، بل رسول علمٍ وصانع مستقبل.
فكيف يُهان من رفع الله قدره وكرّمه بعلمه؟
إن الاعتداء على معلمة هو اعتداء على الوطن كله، وعلى قيمه ومبادئه، وعلى المستقبل الذي نرجوه لأبنائنا. ومن هنا، فإن الواجب اليوم أن نصحو جميعاً : دولةً ومجتمعاً ، حتى لا تتحول هذه الجريمة إلى سابقةٍ تُستباح بعدها كرامة كل معلم ومربي.
نطالب الشرطة السودانية بإصدار بيان عاجل يوضح ملابسات هذه الجريمة النكراء، والإجراءات المتخذة للقبض على الجناة، حتى يطمئن المعلمون وأولياء الأمور على أمن أبنائهم وبناتهم. إن الصمت في مثل هذه المواقف خيانة للأمانة وتفريط في أمن الوطن.
نهيب بـ نقابة المعلمين أن تنهض بمسؤوليتها التاريخية، وتدافع عن كرامة أعضائها، عبر المطالبة بتشديد الإجراءات الأمنية حول المدارس، وتأمين حقوق المعلمين، وعدم السماح بأن تمر هذه الحادثة دون محاسبة عادلة تردع كل من تسوّل له نفسه العبث برسالة التعليم.
ونوجه نداءً مباشراً إلى وزارة التربية والتعليم لوضع برنامج واضح وعاجل لحماية المعلمين والمدارس، يشمل التنسيق مع الأجهزة الأمنية لتأمين البيئة التربوية، وتوفير آليات الدعم النفسي والمعنوي للكوادر التربوية، حتى لا يشعر المعلم أنه وحيد في مواجهة المخاطر. حماية التعليم ليست رفاهية، بل قضية أمن قومي.
ومن قلب الحدث، يرفع أولياء الأمور والطلاب أصواتهم تضامناً مع المعلمة المعتدى عليها، معلنين أن أي مساس بمعلم هو مساس بكل أسرة سودانية. إنهم يطالبون ببيئة تعليمية آمنة تحمي أبناءهم وبناتهم، وتعيد للمعلم هيبته التي يجب أن تُصان كقدسية العلم نفسه.
وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة