33.6 C
Khartoum
الإثنين, يونيو 9, 2025

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب ۔۔ دمار ام درمان و( رغم بعدي برسل سلامي ) !!

إقرأ ايضا

في ذكرى رحيله السابعة أمتطي حصان الذكريات لأعود الى يوم فجيعة الشعب السوداني فيه ، فقد حالت بيننا والنظرة الأخيرة الى شاعرنا الكبير سيف الدين الدسوقي يوم ان وري الثرى ، رحلة البحث عن التعايش السلمي وبث ثقافة السلام في فيافي وأحراش غرب كردفان بمعية المشروع القومي لتعزيز ثقافة السلام ، فهناك في المحليات الطرفية المتاخمة لدولة جنوب السودان لاتوجد كهرباء ولا صنابير مياه وشبكتي الإتصال الهاتفي فيها ( زين وسوداني أو سوداني وزين) رفعا للحساسية حين نقول هلال مريخ – لاتعملان جيدا وأن عملاتا فبقوة ( 2G ) فقط ، وهذه قوة يستعصى معها الأنترنت ، ولكن فور وصولنا الى عاصمة الولاية مدينة الفولة ( المتريفة ) علمنا أن الشاعر المدهش سيف الدين الدسوقي إبن أم درمان الفذ ورائد التشبيب العفيف قد إختاره الله عز وجل الى جواره عن عمر ناهز الـ 79 عاما بعد معاناة أليمة مع السقم .
فمن منا لم يستمع الى رائعته (رغم بعدى برسل سلامى يحوى شوقى وكل إحترامى ) يتغنى بها مؤسس فن الغناء الشعبي الفنان الراحل محمد أحمد عوض ، ومن منا لم يسطر رائعته ( بدون رسائل ) التي يصيح فيها بـ( مافى حتى رسالة واحدة بيها أتصبر شوية والوعد بيناتنا انك كل يوم تكتب الىّ ) التي تألق في التغريد بها الفنان الراحل أحمد الجابري ، والعاشق الصغير ينسخها في خطاباته الغرامية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي لمحبوبته الصغيرة التي لم ولن يقترن بها بالطبع ، عندما تتجاهل خطاباته أو أن تقع في يد أبيها أو أخيها فتعنف هي ويتم اللحاق به في إحدى زوايا الحي لينال ( علقة قلة الأدب ) بنفس راضية رغم أنه لم يكتب لها شيئا من بنات أفكاره وكل ما فعله هو تدوينه لإحدى قصائد المبهر سيف الدين الدسوقي ( رحمه الله) .
وتظل رائعته (المصير) والتي يقول في مطلعها ( ليه بنهرب من مصيرنا ونقضى ايامنا فْي عذاب .. ليه تقول لى انتهينا ونحن فى عز الشباب ) واحدة من أقوى أغنيات العتاب في الغناء السوداني قديمه وحديثه ، وزادها بعدا أن تغنى بها الفنان الذري الراحل إبراهيم عوض فظلت من أجمل أغنياته على الإطلاق .
أما الأغنية التي ذاع صيتها في كامل أرجاء الكرة الأرضية وصاغها شعرا الراحل سيف الدسوقي فهي ( أودعكم ) والتي طاف بها الفنان الرمز الراحل سيد خليفة فإلتصقت به وهو يردد أينما سار في خاتمة حفلاته الجماهيرية ( أودعكم .. أفارقكم ، دموع بتغطى عينىَّ
..ولكن آه ، وآه بتخفف الالالم ) ، بجانب أشعاره الثرة باللغة العربية الفصحى التي أبهرت جميع شعراء الوطن العربي المجيدين ، وبحسب النقاد يعتبر الدسوقي أحد رواد المدرسة الرومانسية التجديدية في الشعر بالسودان وقد عمل إلى جانب نشاطه الأدبي في الإذاعة والتلفزيون مذيعاً ومقدما للبرامج الثقافية ورئيسا لقسم الإخراج والمنوعات بالإذاعة السعودية في الرياض ثم مديرا لإذاعة وادي النيل السودانية المصرية .
وكان سيف الدسوقي أحد أهم الشعراء المشاركين في مهرجان المربد الشعري السنوي بالعاصمة العراقية بغداد ، كما عرف عنه مشاركاته الأدبية وكتاباته الشعرية والمسرحية الثرة ، ومن أبرز دواوينه (حروف من دمي)، (الحرف الأخضر) و(زمن الأفراح الوردية)، وغيرها، وتغنى له كبار الفنانين وحصل على جائزة الشعر بالخرطوم، ووشاح الشعر العربي من الجالية السودانية بالقاهرة، وعدد آخر من الجوائز العينية والمالية .
وكان شاعرنا أم درمانيا صرفا ، أحب أم درمان في مهجره فهي مدينته ومسقط رأسه وغازلها من المملكة العربية السعودية شاديا (عد بي إلى النيلِ لا تسأل عن التعب .. الشوق طي ضلوعي ليس باللعب .. لي في الديار ديارٌ كلما طرفت عيني .. يرف ضياها في دجى هُدبي .. وذكرياتُ أحبائي إذا خطرتْ .. احسُّ بالموجِ فوقَ البحرِ يلعب بي شيخ كأن وقار الكون لحيته .. وآخرونَ دماهُمْ كونت نسبي وأصدقاء عيون فضلهم مدد ) . رحم الله شاعرنا سيف الدين الدسوقي وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .
خروج آخير
طفت أمس بسوق ام درمان واحياء المسالمة والمظاهر والعباسية والعرضة جنوب ( يا مريخاب ) فكانت جميعها شائهة دامعة العينين ، فقد دمرها الجنجويد واضحت خرابا ينعق فيها البوم ، ولو قدر لشاعرنا سيف الدين الدسوقي أن يشهد ما شهدناه لمات مرة أخرى على حال أم درمان التى أحبها بعمق حسرة وكمدا۔
وتظل مهمة والي الخرطوم صعبة جدا في اعادة أعمارها ، بعد ان دمر الأوباش خطوط الكهرباء والمياه ودمروا المنازل العتيقة ودكاكين الاسواق ومحطات الوقود والطرق ، ونهبوا كل شئ ، ولكنه البلدوزر احمد عثمان حمزة واركان حربه الأبطال ، قطعا سينجحون في مهمتهم العصية وعلى أهل أم درمان ان ( يشيلو الصبر ) فدمارها ممنهج ومرعب ۔

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة