42.7 C
Khartoum
الأحد, يونيو 8, 2025

🔥🔥قراءة سياسية في بيان حكومة السودان: بين السيادة الوطنية والتصعيد الدولي” ✍️: خليفة جعفر علي

إقرأ ايضا

أصدرت حكومة السودان، برئاسة البروفيسور كامل إدريس، بياناً شديد اللهجة رداً على قرار الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات على البلاد، بدعوى استخدام الجيش السوداني لأسلحة محرمة في النزاع المسلح مع قوات الدعم السريع. البيان، الذي حمل نبرة حادة واتهامية، يطرح عدة نقاط تستحق التمحيص السياسي والقراءة النقدية.

رفض قاطع… لكن دون تفنيد واضح

البيان يرفض الاتهامات الأمريكية “جملة وتفصيلاً”، ويدّعي أنها تفتقر إلى الأدلة والشفافية. ومع ذلك، يغيب عن البيان أي تفصيل دقيق أو دليل مقابل يدحض تلك الادعاءات. فالتأكيد على التزام الجيش السوداني بالقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، على أهميته، يظل موقفاً خطابياً لا يحمل في طياته تحقيقاً مستقلاً أو سرداً لممارسات الجيش على الأرض.

الانحياز الدولي وتقارير الضغط: شماعة مألوفة؟

حكومة السودان تتهم المجتمع الدولي بالانجرار وراء تقارير “منحازة” وأجهزة “ضغط ذات أجندات خفية”، وهي لغة مألوفة في الخطاب السياسي الإقليمي حين تتعرض الحكومات لانتقادات دولية. لكن البيان لم يتطرق إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان المستقلة، أو إلى أي محاولة للتعاون مع لجان تحقيق دولية محايدة، وهو ما يُضعف من مصداقية الطرح السوداني.

السيادة الوطنية: مفهوم لا يجب أن يبرر الانتهاكات

البيان يشدد على “عدم المساومة بالسيادة الوطنية” و”كرامة الشعب السوداني”، وهو طرح يستدعي الاحترام، لكن السيادة لا تبرر الإفلات من المساءلة. إذا ثبت استخدام أسلحة محرمة أو ارتكاب انتهاكات جسيمة، فإن المعايير الدولية تفرض المساءلة بغض النظر عن اعتبارات السيادة، خاصة حين يتعلق الأمر بحماية المدنيين.

التوقيت والاتهام بالتسييس

انتقاد توقيت العقوبات بأنه “تدخل سافر” هو نقطة سياسية محورية. صحيح أن أي خطوة دولية في سياق نزاع داخلي تحمل أبعاداً جيوسياسية، لكن ذلك لا ينفي ضرورة النظر في دوافع العقوبات نفسها، أو في المعلومات الاستخباراتية التي استندت إليها واشنطن. الرد السوداني لم يُظهر استعداداً للدخول في حوار جاد حول فحوى الاتهامات، بل ركز فقط على النوايا المفترضة للطرف الآخر.

الدعوة للحل والتعاون: تناقض أم التزام؟

في الجزء الأخير، يدعو البيان الولايات المتحدة إلى أن تكون “جزءًا من الحل لا الأزمة”، ويعرض قنوات التعاون. هذا التحول من الخطاب الهجومي إلى الدعوة للحوار يبدو متناقضاً مع حدة النبرة السابقة، لكنه يفتح نافذة سياسية مهمة. السؤال هو: هل الحكومة السودانية مستعدة فعلياً لانفتاح سياسي جاد، أم أن هذه الدعوة مجرد محاولة لتخفيف الضغط الدولي؟

خاتمة: الخطاب وحده لا يكفي

بيان الحكومة السودانية يعكس قلقاً حقيقياً من العزلة الدولية المتزايدة، ويعبر عن انزعاج مشروع من تصعيد أمريكي قد تكون له تبعات كارثية على المدنيين. لكن في غياب الشفافية، والتحقيق الداخلي أو الدولي النزيه، تبقى اللغة القوية في البيان أقرب إلى الإنكار الدفاعي منها إلى محاولة موضوعية لفهم وتحليل الموقف. المطلوب اليوم هو فتح الأبواب للمساءلة، والتعاون مع المجتمع الدولي، والتوقف عن وضع السيادة درعاً يحجب الحقائق.
—- مايو2025

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة