38.7 C
Khartoum
الأحد, يونيو 8, 2025

مسارب الضي… وداعاً جمال النحاس بلسم الجراح، وبسمةً في وجه الرياح د. محمد تبيدي

إقرأ ايضا

في يومٍ لفّه الحزنُ وغطّاه الأسى، ودّعت الساحة الفنية والثقافية الفنان الشعبي الكبير جمال النحاس، أحد أعمدة الإبداع السوداني، والصوت الشعبي، وروح الوطن في زمن المحنة والابتلاء.

لقد رحل من كان صوته بلسماَ للجراح، وبسمةً في وجه الرياح، من ظل مرابطاً كالصخر في أمبدة الحارة الثانية، لا يلينُ له عزم، ولا يضعفُ له قلب، فكان من التكاية إلى المستشفى، ومن الدعم إلى الإعمار، ومن الدمع إلى الإصرار، رمزاً للثبات والوفاء، لا يكلّ ولا يملّ، لا يتأخر ولا يتقهقر.

جمال النحاس، الذي لمع اسمه في سماء الأغنية الشعبية، صاغ اللحن بصدق، وغنّى للناس بحدس، وكتب بالكلمات نبض الإحساس. وشغل منصب رئيس اتحاد الغناء الشعبي، وكان سكرتير دار فلاح للغناء الشعبي، وهو الذي أحيا الفن الشعبي حين خف وأعاد له النكهة حين جفّ.
كتب بمداد وجدانه في صحيفة “مسارب الضي الإخبارية”، وارتقت حروفه لتجد لها موطئاً في صفحات صحيفة القوات المسلحة، بإشراف رئيس تحرير “مسارب الضي”، الذي رأى فيه قلماً إذا كتب أدهش، وإذا صمت أنضج.

كان جمال صوت السكون حين تعجز الضوضاء، ونبض الحيّ حين يخبو الرجاء. لم يبخل بدعمه، ولم يتأخر عن تلبية دعوة العمل الخاص إمبده ،لزيارة احد افزار الفن السوداني الأستاذ عبد القادر سالم تلبية لنداء الفن، واستقبل والي الخرطوم في داره شكراً وعرفاناً وعطراً وامتناناً لما قدّمه في معركة العز والكرامة.

لم يكن الفنان الراحل جمال النحاس مجرد صاحب صوت شجيّ، بل كان ذا قلب نقيّ، ولسان ذكيّ، وبصيرة لا تخطئ الطريق. كان حاضراً في الفعل، لا غائباً في القول، فعل ما عجز عنه كثيرون، وترك في القلوب طيفاً لا يُنسى، ولا يُمحى.

د. الصادق تبيدي أحد أبناء الحارة الثانية قال دامع العين:
“كان جمال جمرةً من نار المحبة، وصخرةً في وجه الخوف، يزرع الفرح حين لا يُزهر الزمن، ويغنّي حين يعجز الكلام في منتدياتنا الثقافية مشاركاً دائم.”

واليوم، وقد غاب الجسد، فإن الأثر باقٍ، والسيرة عابقة، والذكرى صامدة كأوتار صوته الذي لا يموت.

شيعة جنازته اليوم 2 يونيو الي مثواها الاخير، في موكبٍ تزفه فيه الدموع، وتشيّعه فيه الدعوات، وتحتضنه فيه القلوب قبل التراب.

إنا لله وإنا إليه راجعون
رحم الله جمال النحاس، فناناً لا يُنسى، وإنساناً لا يُعادله أحد، وصوتاَ سيظل صداه حياً في دروب الفن والوفاء.

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة