35.5 C
Khartoum
السبت, يونيو 7, 2025

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب كيف انتصرت ثورة ديسمبر ( الشوهاء ) على حكومة الكيزان ( المتمكنة ) !!

إقرأ ايضا

بهذه الاسباب فقط انتصرت ثورة ديسمبر وشلعت ( راكوبة ثورة الإنقاذ ) بين يوم وليلة ، فلم تكن الانقاذ سيئة للدرجة التي تقول بها تقدم او صمود او الحرية والتغيير – وكلها مسمياتها – وهي الباحثة عن كراسي السلطة – أي صمود حمدوك الفاشل – فلم يكن الشعب السوداني يبحث عن الديمقراطية المزعومة او حقوق الانسان او اي شئ من تهاويم المفردات الفضفاضة ، ولكن عندما يغضب السابلة فإنهم يدمرون كل شئ ۔
فكان قدر أهل الخرطوم أن يذلوا ويهانوا في ( المواصلات فقط ) بعد أن كان شعارهم عاليا في بدايات حكم الإنقاذ حين كانوا يرددون معها ( لن نذل ونهان ولن نطيع الأمريكان ) ولكنهم لم يستطيعوا تجاوز ( عتبة) المواصلات ناهيك عن الأمريكان وغيرهم من قوى الإستكبار وتركيع الشعوب .
الصورة ۔۔ هي الصورة الشائهة ذاتها وكانت متكررة ومكرورة مساء وصباح كل يوم ، يخرج الناس من بيوتهم طوال العشر سنوات الاخير من حكومة المؤتمر الوطني للوصول الى العمل المدارس الجامعات المستشفيات الميناء البري لمغادرة الخرطوم أو حتى لعيادة مريض أو صلة رحم ، ولكنهم يقفون الساعات الطوال حتى يذهبوا الى مقاصدهم ، أما الإياب فتلك قصة أخرى أن رويت لحاخامات اليهود ( الأرازل) لجرت دموعهم سخية ( عطفا وتحنانا ) على أهل الخرطوم البسطاء لما يعانونه من ( صلف ) المواصلات ولا عزاء لأصحاب الفواره من علية القوم .
فقد غاب أبوشنب والأسم هنا رمزي لكل وال أو معتمد منذ حكومة الدكتور الخضر مرورا بالجنرال عبدالرحيم نهاية بالجنرال هاشم عثمان الحسين ولاة الخرطوم المتعقبون ، وبالطبع كل طواقم المعتمدين الذين حملوا معهم ( الصينية ) طوال فترة توليهم لسدة الحكم في جمهورية الخرطوم وليس ولاية الخرطوم ذات الملايين العشرة من الأنفس ( آنذاك ) أو تزيد ومن بينهم معتمد الخرطوم السابق الذي دخل أم درمان فاتحا بإنجازاته الكبيرة ( الجنرال ابوشنب ) الا المواصلات فهي وحدها التي هزمته بعد ان ترك الحبل على الغارب
في ظل ( صهينة ) الولاية وأعني ( طناشها ) لا رتقا على الصهيونية البغيضة ، فإن مفوضية الإختيار للخدمة العامة قد إرتاحت من عدد كبير من الخريجين الذين وجدوا ضالتهم في إمتهان وظيفة ( كمسنجي مواصلات ) ولا يعملون بها إلا بعيد صلاة المغرب بعد أن يكون التعب وإلارهاق قد نال من رجال شرطة المرور وغادروا الى منازلهم ، لحظتها ينزل ( شياطين رفع التعريفة ) الى الشارع ويجرون خلف كل حافلة داخلة الى المواقف في كل مكان ليقنعوا السائق بأن يضاعف التعرفة أولا لأن نصيب الواحد منهم أجرة راكب ( ورقة ) ومن ثم بتقطيع الخط الى جزئين أو ثلاثة ، فمثلا خط الخرطوم الصفوة – غرب أم درمان – يتم تقطيعه الى ثلاث مراحل ، الأولى من الخرطوم الى ( شباب كرور ) بأمبدة ، والثانية من هذه المحطة الى الطلمبة الأخيرة في نهاية مربعات دار السلام ، ومن هناك يتم شحن المركبة الى الصفوة بمبلغ خرافي عوضا عن القيمة الحقيقية وهي التعرفة الرسمية الصادرة من إدارة النقل والمواصلات بوزارة البنى التحتية ولاية الخرطوم التي تغط في نوم عميق ولا يعرف المواطن ماذا تعمل .
وفي الطلمبة الأخيرة نهاية مربعات دار السلام بمحلية أمبدة فقد أصبحت محطة وسطى بكل ما يحمل هذا الأسم من معاني ودلالات بعد أن أضحت تستضيف مواصلات الحلة الجديدة ، نيفاشا ، المنارة ، الكسارة ، الصفيراء ، الصفوة وغيرها من مناطق غرب أم درمان الكبرى ، ويقصدها سائقوا الحافلات طمعا في المال والجاز إن وجد ، حتى أن مواطني هذه المناطق صاروا يهللون في موقف السكة الحديد عندما يأتي أحد بصات الوالى ( الطوال ) أو أي حافلة ليصيح ( الكمسنجي الخريج ) في الناس ( طلمبة طلمبة أخيرة ) فيتدافع الناس كبارا وصغارا نساء ورجالا نحو الماعون القادم وينحشرون فيه ليقلع بهم الى الطلمبة الأخيرة ، وهناك يجدون عشرات البصات والحافلات قد لفظت حمولاتها فيها ليصبح عدد القادمين الى الطلمبة الأخيرة هو ذات العدد الذي كان بالخرطوم ، فيبيع صبية الماء ماؤهم المثلج بالجركانات المتسخة ويتيمم ( العزابة ) مطاعم الطلمبة لتناول العشاء فيها ، وتحمل النساء بما تبقى لهن من ( حيل ) بضع أعواد من الطلح أو كيس صغير من الفحم من الزرائب المقابلة للطلمبة وآخرين يدخلون مخبزها للحصول على الرغيف ، فما بين يوم وليلة أضحت الطلمبة الأخيرة التي ليس بها كثافة سكانية موقفا وسوقا ومرتعا للصوص الذين ينتزعون حقائب السيدات والهواتف ويتوارون في ليل الخلاء الفسيح ، فهل زار والى الخرطوم الطلمبة الأخيرة في تمام الثامنة أو التاسعة مساء ؟
في الطريق الى غرب أم درمان في شارع ليبيا بالخلا هناك محطات خطرة يقوم فيها عدد من العاطلين بخطف هواتف الناس من داخل الحافلات والبصات وهناك حالا مثبتة بداية بالمحطة التي تلي محطة سراج بإبي سعد ثم شباب كرور ، ولفة الـ26 ولفة دار السلام وبالطبع في الطلمبة الأخيرة ، وسبق أن شاهدت نزع هاتف الزميل محمد النور أبوجين بإعلام صحة الخرطوم وهاتف الزميل الهضيبي يس بالصيحة وهاتف زوجتي بالأهرام اليوم دون أن نتمكن في الحالات الثلاث من عمل شئ لأن اللص ينزع الهاتف ويغيب في الفضاء العريض تستره ظلمة الليل .
كنا نأمل أن تترك وظيفة ( معتمد الرئاسة ) ليكون مسماه ( معتمد المواصلات ) أو يتكرم السيد والى الخرطوم بإستلام ملفها شخصيا وأن تعاونه شرطة المرور أو أن يسلم الملف لجهاز الأمن لشهر أو شهرين حتى تستقيم الأمور وتنساب المواصلات ، وأن يقوم رجال المباحث بالتواجد في محطات ( خطف الهواتف ) والحقائب للإمساك باللصوص المتبطلين حتى يرتاح مواطن الخرطوم من هذا الداء ، وهناك في محطات باقي المحليات ذات الظاهرة ويعلمها كبار ضباط الشرطة المعنيين وجنودهم .
عدد من المواطنين قالوا لي أن الحل في أن تخصص طلمبات بعينها لملء الحافلات والبصات التي تعمل في الخطوط فقط بالوقود مع إلزامها بخطوطها بمتابعة لصيقة ، وآخرين طالبوا الولاية بتحديد تعرفة جديدة تكون مرضية لسائقي وسائل المواصلات عوضا عن تركها لأمزجتهم وأهوائهم بعد أن قاموا بتقطيع الخطوط المعتمدة الى ثلاث أو أربع مراحل ، بينما فئة ثالثة طالبت بأن تخصص بصات الوالى للمسافات البعيدة ( الجيلي – الكدرو – الحاج يوسف – الصفوة – نيفاشا – الحلة الجديدة – الفتح – الكلاكلات – جبل الأولياء – سوبا ) ويوفر لها الوقود وتعمل بإشراف ( النظار ) كما كان في السابق بالتذكرة ، لأنها الآن تخوض مع الخائضين وترفع التعرفة دون مستند ( تذكرة ) .
خروج اخير
الآن تلفظ مليشيا الدعم السريع انفاسها الأخيرة في كل ولايات كردفان ودارفور ، وعلى والي الخرطوم احمد عثمان حمزة ان يرتب اوراقه بعد ان تسلم كامل ولايته نظيفة ، من القوات المسلحة واذرعها وبعد العيد سينظف ما تبقى من الالغام والقذائف غيرالمتفجرة والانقاض تماما ، وحينها سيعود الملايين من سكانها فيكيف سيتنقلون فيها وكيف سيداوي علة المواصلات( الغالية ) بعد ان تغلب على الكوليرا اللعينة في شهر واحد ؟ حتما سيفعلها لأنه ( البلدوزر) ، فهكذا يسميه سكان الخرطوم الذين لم يغادرونها طوال سني الحرب الملعونة ۔

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة