35.5 C
Khartoum
السبت, يونيو 7, 2025

الوطنية لا تُقاس بالتجريح ولا بالتخوين ✍️ خليفة جعفر على

إقرأ ايضا

السيد علاء نقد،
إنّ الكلمة مسؤولية، لا سيما حين تصدر من شخص ينصب نفسه مدافعًا عن حقوق الشعب، ويتصدر المنابر الإعلامية متحدثًا باسم المدنيين. لكن للأسف، ما صدر عنك مؤخرًا من إساءات مبطّنة ضد السودان ومؤسساته، وتلميحات مسيئة تجاه دولة شقيقة كجمهورية مصر العربية، يُعدّ تجاوزًا غير مقبول وخروجًا عن حدود النقد البنّاء إلى دائرة الهدم والتشكيك.

لقد تحدثت عن “التكامل” بين السودان ومصر وكأنه تهمة، رغم أن فكرة التكامل هذه ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، وكانت قائمة على أسس استراتيجية وتنموية تخدم مصلحة الشعبين. ومنذ ذلك الوقت، تعاقبت على السودان حكومات عدة، اختارت كلٌّ منها شركاءها وتحالفاتها وفقًا للمرحلة والضرورات الوطنية، وهذا حقٌ سيادي لا يجوز لأحد مصادرته.

السودان دولة مستقلة ذات سيادة، ومن حقه الكامل أن يعقد الشراكات ويتعاون عسكريًا أو اقتصاديًا مع من يراه مناسبًا، بما يخدم مصالحه ويعزز استقراره. العلاقات مع مصر ليست خضوعًا ولا تبعية، بل هي علاقة استراتيجية عميقة الجذور، تقوم على التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك.

ولا ننسى أن مصر – بخلاف بعض الدول المجاورة – فتحت حدودها واستقبلت ملايين السودانيين الفارين من جحيم الحرب، دون أن تحتجزهم في معسكرات أو تعاملهم كلاجئين. لقد عاملت مصر الشعب السوداني كأشقاء، لا كضيوف مؤقتين، وقدّمت ما لم تقدّمه دول مجاورة أخرى اكتفت بإغلاق أبوابها أو فرضت قيودًا مهينة.

العلاقة بين الشعبين السوداني والمصري ليست علاقة حكومات فقط، بل هي علاقة نسيج اجتماعي وثقافي وتاريخي متين. منذ ثورة 1924، حيث قاتل الجنود السودانيون والمصريون جنبًا إلى جنب، وحتى اتفاقات التعاون المتعددة في مجالات التعليم والزراعة والمياه، ظلت هذه العلاقة قائمة على الاحترام والتكامل لا التبعية.

أما بخصوص موقفك كمدافع عن حقوق المدنيين، فحبذا لو كان صوتك حاضرًا حين احتاجه الناس فعلاً؛ حين تعرض المدنيون للقتل والإغتصاب والتشريد من قبل المليشيا وفقدان المأوى. أما الآن، فاستغلال قضاياهم لتصفية حسابات سياسية، أو لمهاجمة علاقات السودان الإقليمية، فذلك ليس دفاعًا عن المدنيين، بل توظيفًا مؤسفًا لمعاناتهم ، لحساب الكفيل

الوطنية لا تعني الصراخ ولا التجريح، ولا تُقاس بالشعارات، بل بالمواقف المسؤولة. والسودان اليوم، في ظل ما يواجهه من تحديات مصيرية، يحتاج لكل صوت عاقل، حريص على وحدة الصف، داعم لمسيرته نحو الاستقرار والتنمية.

—يونيو 2025

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة