كثيرا ماينخدع الناس في سوداننا بهيئة رجل تدل على التقى والورع فيأكل أموالهم في صفقات بالسوق حسبوها مضمونه الربح الحلال إستنادا على مظهره ، فإذا هو شيطان في ثياب واعظ ، والكثيرون من الشباب إضطروا لفسخ الخطبة بعد أن تبينوا أن التى طلبوا القرب منها لتكون زوجة بناءا على الزي المحتشم الذي ترتديه وخجلها البائن أمامهم وماهي إلا حية رقطاء أذاقت الكثيرين من سمها القاتل ، وفي هذا المنحى ، كتب الدكتور علي الصلابي وهو ( مفكر اسلامي وداعية معروف ) كتب مقالا قيما عن (التدين الشكلي) وحوى كل شئ من هذه التناقضات فلنقرأه معا :
(( سَألَ عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه عن رجلٍ ما إذا كان أحدُ الحاضرين يعرفه، فقام رجلٌ وقال : أنا أعرفه يا أمير المؤمنين. فقال عمر : لعلّكَ جاره، فالجارُ أعلمُ النّاس بأخلاقِ جيرانه ؟ فقال الرّجلُ : لا فقال عمر : لعلّكَ صاحبته في سَفرٍ، فالأسفار مكشفة للطباع ؟ فقال الرّجلُ : لا فقال عمر : لعلّكَ تاجرتَ معه فعاملته بالدّرهمِ والدّينارِ، فالدّرهمُ والدّينار يكشفان معادن الرّجال ؟ فقال الرّجلُ : لا فقال عمر : لعلّك رأيته في المسجدِ يهزُّ رأسَه قائماً وقاعداً ؟ فقال الرّجلُ : أجل فقال عمر : اجلسْ فإنّكَ لا تعرفه كان ابن الخطّابِ يعرِفُ أنّ المرءَ من الممكن أن يخلعَ دينه على عتبةِ المسجد ثم ينتعلَ حذاءَه ويخرجَ للدّنيا مسعوراً يأكلُ مالَ هذا، وينهشُ عرض ذاك ! فقد كان عمر رضي الله عنه يعرفُ أن اللحى من الممكنِ أن تصبحَ متاريسَ يختبىء خلفها لصوصٌ كُثر، وأنّ العباءة السّوداء ليس بالضرورة تحتها امرأةٌ فاضلة ! وكان يعرفُ أن السِّواكَ قد يغدو مِسنّاً نشحذ فيه أسناننا ونأكل لحوم بعضنا . وكان يعرفُ أن الصلاةَ من الممكنِ أن تصبحَ مظهرا أنيقاً لمحتال، وأنّ الحجّ من الممكنِ أن يصبحَ عباءةً اجتماعية مرموقة لوضيعٍ ! وكان يؤمنُ أنّ التّديّنَ الذي لا ينعكسُ أثراً في السُّلوكِ هو تديّنٌ أجوف ! فأندونيسيا لم يفتحها المحاربُون بسيوفهم وإنما فتحها التُّجارُ المسلمونَ بأخلاقهم وأماناتهم ! فلم يكونوا يبيعون بضائعهم بدينهم، لهذا أُعجبَ النّاسُ بهم وقالوا : يا له من دين ! إن الايمان الكاذب أسوأ من الكُفر الصّريح. وفي كليهما شرّ ! والتعاملُ مع الآخرين هو محكُّ التّديّنِ الصحيح . وإذا لم يلحظ الناسُ الفرقَ بين التّاجر المتديّنِ والتّاجرِ غير المُتديّن فما فائدة التّدينِ إذاً. وإذا لم تلحظ الزّوجةُ الفرقَ بين الزّوجِ المُتديّنِ والزّوجِ غير المتديّن، فما قيمة هذا التّديّن والعكس بالعكس ! وإذا لم يلحظ الأبوان الفرق بين برِّ الولد المُتدَيّنِ وغير المُتدَيّنِ فلماذا هذا التّديّن ؟! مصيبةٌ أن لا يكون لنا من حجّنا إلا التّمر، وماء زمزم، وسجاجيد الصلاةِ المصنوعةِ في الصّينِ، ووجباتِ البيك ! مصيبةٌ أن لا يكونَ لنا من صيامنا إلا السمبوسة، والفيمتو، والتمر الهندي، وباب الحارة ! مصيبةٌ أن تكون الصلوات حركاتٍ سُويديّة تستفيدُ منها العضلاتُ والمفاصلُ ولا يستفيدُ القلب ! مظاهرُ التّديّنِ أمرٌ محمود، ونحنُ نعتزُّ بديننا شكلاً ومضموناً، ولكن العيب أن نتمسّكَ بالشّكلِ ونتركَ المضمون. فالدّينُ الذي حوّل رعاة الغنمِ إلى قادةٍ للأممِ لم يُغيّر أشكالهم وإنّما غيّر مضامينهم ، إن أبي جهل كان يلبسُ ذات العباءة والعمامة التي كان يلبسها أبو بكر الصديق ! ولحية أُميّة بن خلف كانتْ طويلة كلحية عبد الله بن مسعود !وسيف عُتبة كان من نفس المعدن الذي كان منه سيف خالد ! تشابهت الأشكالُ واختلفت المضامين، هل أدركنا ماذا يريد منا ديننا ، إنها العبادة بمفهومها الشامل كل ما يحبه الله ويرضاه من اﻷقوال واﻷفعال الظاهرة والباطنة هذا هو الإسلام . ” إنتهى )) ..
خروج أول
هل في هذه الدولة رجل رشيد يمتلك القرار الصارم في لجم أصحاب الحافلات والبصات العاملة داخل ولاية الخرطوم ؟ أتمنى أن يخرج إلينا هذا الرجل ( المجهول ) من قمقمه ويعلن لنا تعريفة حقيقية تريحنا من سكب مصاريف عيالنا في جوف مركبات خربة من القرون الوسطى ليل نهار ، وإلا فأين يذهب جاز الحكومة إذا كانت تعرفة النقل داخل حارات ومربعات الولاية أعلى من سعر الجاز نفسه ؟ أفيدونا قبل أن تهلكنا الحافلات .
خروج أخير
قبيل الحرب تحرش أكثر من 20 شماشي بالقرب من طلمبة النيل بسوق ليبيا ، تحرشوا بفتاة عمرها 16 عاما ، فذهبت الفتاة الى دورية الشرطة المتحركة وأبلغتهم فما كان من الشماشة إلا أن لاذوا بالفرار والرقيب الهمام خلفهم حتى إبتلعتهم الأزقة المجاورة للسوق ، فسألني الرقيب – عن وجهتي فقلت له الصفوة ، فطلب مني أن تركب الفتاة في حافلتنا الآتية على أن ننزلها في لفة نيفاشا .. ولكن هل ستجد مثل هذه الصغيرة رقيبا شهما من الشرطة لينقذها في كل مرة ؟ ، يجب أن تجد الدولة طريقة ( تلم ) بها شماشة الأسواق ، إذ أننا داخل البص في تلك الليلة تشاجر شماشي مع سيدة ولكنها كانت قوية فأمطرته ( كفوفا ) حتى سقط على أرضية البص بعد أن شتمها أمامنا بعبارات نابية جدا .
وبعد الحرب كان عدد الشماشة اكثر من مائة وعشرين الفا ولكن بمسمى آخر وهو ( مليشا ال دقلو ، او مليشيا الدعم السريع او مليشيا الحنحويد او الكعوك ) ، وصدقت الحكامة حين تغنت للعميد الركن جودات حارس بابنوسة المرعب بقولها ( جودات باشا والدعم السريع كله شماشة ) ۔ وكل عام وانتم بخير ۔۔
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب التدين الشكلي و( الدقون الخفية ) وشماشتنا وشماشة الدعم السريع !!
