41.8 C
Khartoum
الإثنين, يونيو 9, 2025

أكسيد الألمنيوم وتنقية المياه في السودان بعد الحرب: خيار استراتيجي للمستقبل بقلم: خالد عبد الله محمد المصطفى اعلام لواء الردع

إقرأ ايضا

– تمهيد: الحاجة الملحة لحلول مبتكرة:-
– في خضم الأزمة السودانية الحالية التي أعقبت الحرب، أصبحت أزمة المياه إحدى القضايا المحورية التي تهدد الصحة العامة والاستقرار المجتمعي. لم تعد المشكلة مقتصرة على نقص الإمداد، بل اتخذت بُعدًا أكثر خطورة مع انهيار شبكات المعالجة، وتلوّث مصادر المياه، وندرة المواد الكيميائية الضرورية مثل الكلور. هنا، يبرز أكسيد الألمنيوم (Al₂O₃) كخيار استراتيجي بديل يجمع بين الفعالية والواقعية الاقتصادية، ويستحق أن يُدرس بعناية في إطار السياسات الوطنية لمعالجة المياه.
ففي ظل غياب بنية تحتية موثوقة، وانقطاع خطوط الإمداد اللوجستي، وتنامي الحاجة إلى حلول آمنة بيئيًا وفعّالة اقتصاديًا، يصبح من الضروري أن يتجه التفكير الوطني نحو موارد وتقنيات تنقية محلية أو مستوردة يسهل تفعيلها في بيئات محدودة الإمكانات. ولا شك أن الجفاف والتلوث المائي المرتبط بالنزوح الكثيف قد جعل من أزمة المياه أولوية صحية وتنموية لا تحتمل التأجيل.
١. الفصل الأول: الأزمة المائية في السودان بعد الحرب – الواقع والمخاطر:-
– أدّت الحرب إلى انهيار بنية المياه الأساسية، وتسببت في:
-توقف المحطات المركزية بسبب تدمير المعدات ونقص الوقود.
-صعوبة نقل الكلور وتخزينه، مما حدّ من عمليات التطهير الكيميائي.
-تلوث واسع النطاق للأنهار والآبار، خاصة في المناطق التي شهدت نزوحًا واسعًا.
-زيادة الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا، الدوسنتاريا، والتيفوئيد.
-هذا الوضع المعقّد جعل من المستحيل الاعتماد الحصري على حلول مركزية، بل فرض على المؤسسات الصحية والبيئية والمجتمع المدني التفكير في أساليب لامركزية وسريعة التفعيل للتعامل مع الكارثة. وعليه، فإن أي تقنية جديدة يجب أن تُقَيَّم لا فقط من حيث فعاليتها، بل من حيث إمكانية نشرها على نطاق واسع وبتكاليف منخفضة، وقدرتها على الحد من الأوبئة التي تنتشر عبر المياه.
٢. الفصل الثاني: أكسيد الألمنيوم: الخصائص والاستخدامات في تنقية المياه:-
-أكسيد الألمنيوم هو مركب غير عضوي يُستخدم في أنظمة الفلترة، ويمتاز بـ:
١. قدرة امتصاص عالية للملوثات، خاصة المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ.
٢. فعالية ضد الفلوريد والمواد العضوية الدقيقة.
٣. مرونة في الاستخدام سواء في الأنظمة المنزلية أو الوحدات الميدانية.
٤.إمكانية إعادة استخدامه بعد الغسيل والمعالجة، مما يجعله اقتصاديًا جدًا.
٥.ويُعتبر هذا المركب من المواد “الصديقة للبيئة” لأنه لا يُنتج نواتج ثانوية سامة كما هو الحال مع الكلور، ويُعدّ حلًا عمليًا خصوصًا في المجتمعات التي تفتقر إلى شبكات معالجة مركزية، ويمكن إدماجه حتى في أنظمة بسيطة تعتمد على الجاذبية أو الترشيح اليدوي.
٣.الفصل الثالث: مقارنة تحليلية بين الكلور وأكسيد الألمنيوم المعيار الكلور أكسيد الألمنيوم:-
– آلية التنقية تعقيم كيميائي امتزاز فيزيائي.
– فعالية ضد الجراثيم عالية متوسطة (يُدعم بتعقيم ثانوي)
إزالة المعادن الثقيلة ضعيف قوية جدًا.
– الأثر البيئي ملوّث للمياه والبيئة آمن بيئيًا.
– التكلفة التشغيلية متكررة ومكلفة يوميًا منخفضة مع إمكانية التجديد
الآثار الجانبية ينتج مركبات سامة (THMs) لا يترك بقايا ضارة.
– هذه المقارنة تُبرز بوضوح أن أكسيد الألمنيوم لا يُعتبر بديلاً مباشرًا للكلور في كل النواحي، لكنه يُشكل مكمّلًا استراتيجيًا يملأ الفجوات الحرجة في أنظمة التنقية، خاصة فيما يخص إزالة العناصر السامة.
٤. الفصل الرابع: الجدوى الواقعية والتطبيق في السودان:-
– نقترح إدماج أكسيد الألمنيوم ضمن خطط الطوارئ والإنعاش الوطني، للأسباب التالية:-
– سهولة النقل والتخزين مقارنة بالمواد الكيميائية السائلة.
– قلة الاعتماد على الطاقة، مما يناسب الظروف ذات الإمداد الكهربائي المحدود.
– إمكانية تعبئته في وحدات متنقلة تُستخدم في المعسكرات والمراكز الصحية.
– قابلية التطبيق في مشاريع صغيرة الحجم ضمن القرى والمجتمعات الطرفية.
– إن تفعيل هذه التقنية يتطلب حدًا أدنى من التدريب، ويمكن نشرها بسهولة من خلال فرق إغاثة، أو عبر المجتمع المحلي بعد التوعية والتدريب، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو تشهد اضطرابات متكررة.
٥. الفصل الخامس: نموذج تطبيقي مقترح:-
– في تجربة مشابهة، تم استخدام أكسيد الألمنيوم في القرى الصينية لتنقية مياه تحتوي على فلوريد ومعادن سامة، عبر وحدات بسيطة محمولة تم نشرها في المدارس والمراكز الصحية. في السودان، يمكن تكييف هذا النموذج مع
الموارد المحلية:-
١.الشراكات الأكاديمية مع جامعات مثل جامعة الخرطوم وجامعة الجزيرة.
٢. الدعم اللوجستي من المنظمات الدولية كـ”اليونيسف” و”أطباء بلا حدود”.
٣. تكييف النموذج الصيني لا يعني نقله حرفيًا، بل تفعيله بما يتناسب مع البيئة السودانية الجغرافية والثقافية، والاعتماد على شباب الجامعات والمنظمات الوطنية لتطوير نماذج مصغّرة تُصنع محليًا بتكلفة بسيطة.
٦. الفصل السادس: خطة إدماج أكسيد الألمنيوم في النظام السوداني:’
1. إجراء تجارب ميدانية في ولايات مستقرة مثل القضارف وسنار.
2. اعتماد بروتوكولات صحية وتقنية لإدخاله ضمن مواصفات وزارة الصحة.
3. إعداد وحدات إنتاج محلية بالشراكة مع القطاع الخاص.
4. تشجيع الابتكار المحلي عبر مسابقات جامعية لتصميم وحدات تنقية تعتمد على أكسيد الألمنيوم.
5. إدماجه في مناهج التدريب الصحي والبيئي ليصبح جزءًا من أدوات الطوارئ المعتمدة.
– هذه الخطة متعددة المسارات تضمن الاستدامة والتمكين المحلي، وتُشرك المؤسسات الأكاديمية، القطاع الصحي، والقطاع الخاص، في آنٍ واحد لبناء منظومة وطنية متكاملة لمعالجة المياه.
٧. الفصل السابع: دور وزارة الصحة السودانية في التصدي لتداعيات أزمة المياه:-
– تتحمل وزارة الصحة السودانية مسؤولية حيوية في الاستجابة لتدهور جودة المياه بعد الحرب، وتتمثل أولوياتها في:-
– مراقبة مصادر المياه عبر فرق صحية متنقلة للكشف عن التلوث الجرثومي والكيميائي.
– إصدار إرشادات طبية حول طرق استخدام المياه الملوثة مؤقتًا بوسائل الغلي أو الترشيح التقليدي.
– تدريب الكوادر الصحية على التعامل مع حالات التفشي المرتبطة بالمياه مثل الكوليرا والإسهالات المائية.
– توزيع حبوب التعقيم الفردي في مناطق النزوح والقرى المتأثرة بانهيار الشبكات المركزية.
– دمج حلول بديلة مثل أكسيد الألمنيوم ضمن حقيبة أدوات الطوارئ الصحية، بعد المصادقة على خصائصه وسميته.
– إن اعتماد وزارة الصحة على تقنيات تنقية لا مركزية مثل أكسيد الألمنيوم سيساعد في تعزيز مناعتها المؤسسية، ويمكّنها من الاستجابة بمرونة في الأزمات المقبلة، ويمنح النظام الصحي أدوات تكيف ضرورية في بيئات طوارئ تتغير بسرعة.
الفصل الثامن: الاعتبارات البيئية ودور وزارة البيئة في مرحلة الإنعاش الوطني:-
– بعد التدهور البيئي الذي تسببت فيه الحرب، يظهر دور وزارة البيئة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، خاصة في ما يتعلق بسلامة الموارد المائية:-
– تقييم الأثر البيئي الشامل لمواقع الدمار، ومصادر المياه المتأثرة بالمواد الكيميائية والنفايات العضوية.
– وضع إطار تشريعي مرن يسمح باستخدام مواد بديلة في تنقية المياه، شريطة توافقها مع المعايير البيئية.
– تشجيع تقنيات ذات بصمة كربونية منخفضة مثل أكسيد الألمنيوم الذي لا يستهلك طاقة عالية ولا يخلف مركبات سامة.
– مراقبة التخلص من مخلفات التنقية وتوجيهها نحو ممارسات صديقة للبيئة.
– إطلاق حملات تثقيف بيئي لتعزيز الوعي حول أهمية الإدارة المستدامة لموارد المياه، وخاصة في المناطق الريفية.
– الدمج بين التقنية والبيئة هو الخيار الوحيد لبناء نظام مائي مستدام في السودان. وهنا، يمثل التعاون بين وزارتي الصحة والبيئة حجر الأساس لإحياء هذا القطاع الحيوي.
– خاتمة وتوصيات:-
– إن معاناة السودان في قطاع المياه لا تحتمل التأجيل أو الحلول المؤقتة، ويُعد أكسيد الألمنيوم من الخيارات الواقعية التي تتوافق مع تحديات المرحلة:-
١. ينبغي للهيئة القومية للمياه إعداد دراسة شاملة لإدماجه تدريجيًا ضمن أنظمة المعالجة.
٢. البدء بمشروعات تجريبية في مخيمات النزوح والمناطق الحدودية.
٣.وإصدار تشريعات محفزة لاستيراده وتصنيعه محليًا ضمن سياسة الأمن المائي.
٤.وربط الاستخدام ببرامج الاستدامة البيئية وتقليل البصمة الكربونية لمعالجة المياه.
٤.دعم إعلامي وتثقيفي يوضح فوائده ويطمئن المجتمعات لاستخدامه.
٥. توسيع قدرات وزارتي الصحة والبيئة عبر شراكات دولية لتوفير أدوات الفحص المخبري والتدريب الفني.
٦.إطلاق منصة بيانات وطنية لرصد جودة المياه والممارسات التنقية المطبقة على أرض الواقع.
٧.في خضم الخراب، يبرز العلم كأداة بناء. وها هو أكسيد الألمنيوم يفتح نافذة أمل نحو مياه أنقى، وصحة أفضل، ومستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا.
– نناشد كل الجهات المعنية النظر في هذا المقترح لحماية الشعب السوداني من المخاطر البيولوجية والكميائية والاوبئة مثل الكوليرا وغيرها النظر وتعميمم هذا المقال ليصل كل سوداني حتى يكون نواة توعية ورفع للوعي في الجانب البيئي والصحي.

بفلم: خالد عبد الله محمد المصطفى
متخصص : تقنية بيئة ونظم معلومات جغرافية
اعلام لواء الردع

قلم وطني

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة