35.9 C
Khartoum
الخميس, سبتمبر 18, 2025

انتصارٌ على ظلام الجهل … معركتا التعليم التي أعادة الأمل بقلم: خالد المصطفى اعلام لواء الردع

إقرأ ايضا

تتردد في أروقة التاريخ إجابةٌ حكيمةٌ بعد أن دكت الحرب العالمية الثانية أوطاناً، حين سُئل تشرشل عن أمةٍ تكاد تنهار، فما كان منه إلا أن ألقى سؤالاً مصيرياً: “كيف حال قطاعَيْ التعليم والقضاء؟” ولما أُجيب بأنهما صامدان، أعلنها بثقة الواثق: “إذن البلد بخير وسيعود.” هذه الكلمات تنبعث اليوم كأنها نبوءةٌ نعيش تفاصيلها، وأنا أتأمل حدثين جليلين مرّا في صمتٍ مهيب، غابت تفاصيلهما عن ضجيج الإعلام وزحمة الصحف، كأنهما سرٌّ مقدسٌ يحمله رجال ونساء ظنهم البعض عاديين.

بصمة تشرشل: البوصلة الخالدة
ها هي امتحانات العام الدراسي 2024 المؤجلة تشق طريقها عبر الصعاب، وها هو التقديم الإلكتروني للجامعات لدفعة 2025 ينبض من جديد. حدثان يُختزلهما البعض في سطور إدارية، لكنهما في حقيقة الأمر معركتان مصيريتان ضد عدوٍّ خبيث اسمه الجهل. إن نجاحهما ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو إعلان نصرٍ مدوٍّ على ظلام التخلف، وتتويجٌ لانتصاراتنا على أتباع الجهل الذين سعوا لطمس نور المعرفة.

الشعلتان المقدستان: امتحانات تُقام وتقديمٌ يعود
لن تنحني هاماتنا إلا إجلالاً لأولئك الأبطال من معلمينا ومعلماتنا، المنتشرين كالنجوم في سماء الوطن حتى في مناطق النزوح. نتذكر بقلوبٍ تنزف ذلك البطل الذي سقط شهيداً وهو يحمل رسالة العلم، اغتالته أيادي الغدر لأنه تجرأ على إيصال طلابه إلى قاعات الامتحان. لقد حوّل دمه الطاهر وهجاً ينير درب الأجيال، ويذكّرنا أن كل مقعد امتحانٍ اليوم هو ترسٌ في درع الوطن، وكل طلب تقديمٍ جامعيٍ هو لبنةٌ في صرح نهضتنا.

دم الشهداء: الوقود الذي أشعل النصر
تحيةٌ لكل يدٍ سهرت الليالي لطباعة الأسئلة، وكل عينٍ رقبت شاشات التقديم الإلكتروني، وكل قلبٍ آمن بأن العلم هو السلاح الأقوى. تحيةٌ للمعلم الذي علّم في الخيام، وللمشرف الذي قطع المسافات بين الجبال، وللكادر الفني الذي جعل الأنظمة الإلكترونية تنبض بالحياة. هؤلاء هم جنود الظل الذين حوّلوا المستحيل إلى واقعٍ ملموس: إقامة الامتحانات للمرة الثانية في ظروفٍ بالغة التعقيد، وإعادة الحياة لمنظومة التقديم الجامعي التي تضمن مستقبل آلاف الشباب.

تحيةٌ للصامدين: أبطال في الخنادق الخفية
هذا الإنجاز العظيم يرسل رسالةً واضحةً: مهما اشتدت العواصف، ومهما تطاول الظلام، فإن شعلة التعليم لن تنطفئ. إنها تثبت أن مؤسساتنا التعليمية هي قلعة الصمود الحقيقية، وأن معلمينا هم حراس القيم الأوفياء. فكما أنقذت بوصلة تشرشل أمةً من اليأس، فإن نجاح هاتين المعركتين يثبت أن وطناً يحافظ على قطاع تعليمه حياً قادرٌ على تجاوز أعتى التحديات. هذا هو النصر الحقيقي الذي يبني الأمجاد لا يرويها، ويصنع المستقبل لا ينتظره.

فليكن هذا الإنجاز شاهداً للأجيال أننا كنا هنا.. صامدين.. بناةً.. منتصرين. ولكم مني، أهلَ الوطن الغالي، أصدقَ التحيات وأطيبَ الأمنيات بمستقبلٍ ينبض بالعلم والكرامة.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة