39.9 C
Khartoum
الأحد, يوليو 6, 2025

انفجار الثورة: مأساة تخزين غير مشروع وأرواح تدفع الثمن قلم وطني بقلم: خالد المصطفى إعلام لواء الردع

إقرأ ايضا

.والى الخرطوم يقدم العزاء ويطالب بتحصين الأحياء السكنية:
.لم يكن صباح السبت الخامس من يوليو عاديًا في حي الثورة، الحارة الرابعة بمحلية كرري، حيث استفاق السكان على دوي انفجارات عنيفة قلبت سكون الفجر إلى رعب لا يوصف. مصدر الانفجار: شقة سكنية تم تحويلها في الظلام إلى مخزن غير قانوني، تكدست فيه كميات هائلة من الألعاب النارية والمواد المكتبية القابلة للاشتعال. وفقاً لتقارير الدفاع المدني، بدأ الحريق عند فجر السبت، وتصاعد بسرعة مذهلة، لتتحول النيران إلى كتل نارية تتفجر تباعاً، تملأ السماء بالدخان الكثيف وتدوي في أرجاء الحي. السكان الذين هرعوا من منازلهم في ذهول، لم يجدوا أمامهم سوى مشهد ركام مشتعل، وصراخ نساء يطلبن النجدة، وأطفال يتراكضون بحثاً عن مأوى، بينما المبنى المحترق ينهار جزءاً بعد آخر.

.الدفاع المدني: خط الدفاع الاول وتضحيات ابطالها من اجل انقاذ حياة المواطنيين:
.في أقل من عشر دقائق، وصلت عربات الدفاع المدني إلى الموقع، مدفوعة بنداءات استغاثة عاجله، لتجد نفسها في مواجهة حقيقية مع الموت. الانفجارات كانت لا تزال تتوالى، والدخان كثيف لا يكاد يُرى خلاله شيء، وصوت تشقق الجدران يسبق كل انهيار متوقع.

. صرّح اللواء شرطة الدكتور / المطري أحمد، مدير دفاع مدني ولاية الخرطوم:-
. بأن فرق الإطفاء واجهت صعوبات شديدة نتيجة خطورة المواد المخزنة، التي لم يتم التبليغ عنها، رغم خطورتها المؤكدة. استغرقت عملية الإخماد نحو ثلاث ساعات متواصلة، وتم خلالها استخدام كل الوسائل المتاحة، رغم افتقاد المبنى لأي بنية سلامة مثل طفايات الحريق أو أنظمة الإنذار المبكر. المؤلم أن المخزن أقيم حديثاً قبل يومين فقط، دون علم الجهات المختصة أو حتى سكان المبنى.

.ضحايا عدم اتباع اجراءات السلامة: ادة استشهاد اثنين من ابطال الدفاع المدني قدموا حياتهم وضحوا بحياتهم فداء للوطن وانقاذ خمسة تم اسعافهم :-
المأساة لم تكن فقط في ألسنة اللهب التي ابتلعت الجدران، بل في الأرواح التي أزهقت. استشهد أحد رجال الدفاع المدني في دور بطولي يعكس الدور الذي يقوم به الدفاع المدني كخط دفاع اول في حماية المواطنين يضحي من اجل انقاذ الارواح والممتلكات وكان دور الشهيد خلال محاولته اختراق الجدار المشتعل لإنقاذ امرأة عالقة، كما لقيت مواطنة من جيران الموقع حتفها اختناقاً بالدخان، وهي تحاول إجلاء أطفالها. خمسة أشخاص آخرين أصيبوا إصابات متفاوتة، ثلاثة منهم من طاقم الإطفاء، واثنان من المدنيين، تعرضوا لحروق وكسور، وتم إسعافهم فوراً إلى مستشفى النو لتلقي العلاج، حيث أكدت إدارة المستشفى أن حالتهم حرجة لكن مستقرة.

.زيارة والي الخرطوم: عزاء وتفقد وتحذيرات صارمة:-
لم تتأخر القيادة في الوصول إلى موقع الحادث. زار الأستاذ أحمد عثمان حمزة، والي الخرطوم، موقع الانفجار بعد وقوع الحادث، يرافقه عدد من كبار المسؤولين، بينهم الفريق شرطة / إبراهيم شمين، مدير الشؤون الإدارية، واللواء خالد حمدنا الله، مدير شرطة كرري. جال الوفد في محيط الكارثة، واستمع إلى إفادات متكاملة من قيادة الدفاع المدني، ثم انتقل لتقديم واجب العزاء لأسرتي الضحيتين.

.تحذير رسمي: التخزين العشوائي جريمة في حق المجتمع:-
من أمام بقايا الشقة المشتعلة، تحدث اللواء شرطة دكتور / المطري احمد مدير قوات الدفاع المدني ولاية الخرطوم بلهجة صارمة قائلاً: “ما حدث ليس مجرد حادث عرضي، بل جريمة مكتملة الأركان ارتكبت بحق المجتمع، عبر تحويل شقة سكنية إلى مستودع متفجر دون ترخيص أو أي التزام بمعايير السلامة”. وأضاف: “نعيد التأكيد أن تخزين أي مواد متفجرة أو قابلة للاشتعال داخل المناطق السكنية يُعد مخالفة جنائية يعاقب عليها القانون بصرامة، ونهيب بالمواطنين الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه عبر الخط الساخن 998”.

.تحليل الكارثة لماذا تحولت الشقة إلى قنبلة:
.التحقيقات الأولية كشفت مجموعة من العوامل التي اجتمعت لتحويل الشقة إلى قنبلة موقوتة. أولها نوعية المواد المخزنة، والتي شملت ألعاباً نارية تحتوي على نترات البوتاسيوم، وهي مادة مؤكسدة شديدة الاشتعال، تتحول إلى انفجار عند تجاوز حرارة المكان 40 درجة مئوية. ثانياً، وجود كميات ضخمة من الأوراق وسوائل الطباعة والكحوليات، التي تشكل وقوداً ممتازاً للنار. ثالثاً، بنية المبنى نفسه؛ قديم ومتهالك، يفتقر لأنظمة الإنذار أو التهوية، وتحيط به مبانٍ سكنية مكتظة، كما أن الشوارع المحيطة به ضيقة تعيق وصول سيارات الإطفاء بسرعة.

.احتساب:-
مدير قوات الدفاع المدنى فريق شرطة حقوقي / د.عثمان عطا مصطفى ومساعديه وضباط وضباط صف وجنود قوات الدفاع المدنى يحتسبون عند المولى عز وجل شهداء الواجب رقيب شرطة /عثمان محمد علي الخنجر وعريف شرطة شمس الدين ابراهيم كجو موسي الذين استشهدوا أثناء أداء الواجب بمحلية كررى نسأل الله أن يتقبلهم بواسع رحمته وان يلهم ذويهم الصبر والسلوان وأن يجعل دمائهم الطاهرة شفيعا لهم في الآخرة وان تبقى عزيمتنا قوية لمواصلة مسيرة العطاء والتضحية رحم الله شهدائنا الابرار ويجعل مثواهم الجنة إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.

.ختاماً: دماء الضحايا تُلزمنا جميعاً.
.انتهت ألسنة اللهب، وبدأت مراسم الحداد، لكن الحقيقة المؤلمة باقية: هذه الكارثة كانت قابلة للتفادي لو تم التزام المالك والمستاجر باجراءات السلامة وعدم تخزين الالعاب النارية في الشقق وتحرك استباقي من المالك في التبليغ عن التخزين الجهات المعنية. ما جرى في حي الثورة ليس سوى جرس إنذار يُقرع بقوة، ليذكرنا بأن حياة البشر ليست هامشاً يمكن المجازفة به، وأن الأحياء السكنية ليست ساحات لمغامرات التخزين والتهريب والتهور. كل قطرة دم سقطت في ذلك الصباح ، نداء يجب على كل مالك ومستاجر قبل التخزين او انشاء محل او منشاءة الرجوع للدفاع المدني والجهات المعنية ولاتباع اجراءات السلامة الصحيحة وذلك لتفادي اي مخاطر. الخرطوم كلها تئن تحت وقع الحادث، لكن وجع حي الثورة له مذاق الفقد الحقيقي، وهو ما يُحتم علينا أن نكون في مستوى المسؤولية، شعباً وحكومة، كي لا نكتب غداً فصلاً جديداً في سجل المآسي القابلة للتفادي.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة