تغنى الفنان مجذوب أونسة في إحدى ليالي منتدى دار فلاح الجميلة قبل سنوات بباقة من أغنيات الحقيبة الشائقة ، وببراعة يحسد عليها ليدمر المقولة الشائعة (أعطى الخبز لخبازه) فقد قدم أونسى حينها سقفاً من التطريب والنطق الصحيح للمفردات والحضور المسرحي فاق به كل الذين قدموا هذا الضرب من الفن ، حتى أن أحد الشيوخ الذين كانوا يجلسون بالقرب من الزميلين عبد الباقي خالد عبيد وعثمان جقود صاح مطالباً أونسة بأن يتجه للغناء الشعبي ، ليس لأن ما يقدمه عبر الأوركسترا (ما جايب حقو) بل لأنه أجاد هناك وأبدع هنا والشيخ يحب أغنيات الحقيبة فحسب ، أونسة قدم رائعة الحقيبة (الليلة الأسد جاي من جبال الكر) بكل قوتها وصداميتها وشحنتها العالية من الفحولة والإقدام والشجاعة المتفجرة فارتفعت كل أيادي الرجال بدار فلاح بعد أن سرى فيهم هذا الاكسير العجيب بالصياح والهتاف والهز والتبشير ) وبعد أن فرغ منها مازح الجمهور بعفويته المعهودة (والله ناس زمان ديل كانوا رجال خالص) وأردف: (وهسي يجيك واحد يقول أضربني بي مسدسك) والعبارة الأخيرة تجعلنا نشفق على حال شبابنا من أنفسهم بعد أن سلكوا طريق الغناء الرخيص على تلك الشاكلة .
فما عاد حتى الحب يحمل قدراً من القدسية لدى الشعراء الشباب الذين (يمولون) مصانع (الألحان) بالشعر الغنائي لينداح في مواعين المجتمع العطشى لكل جديد .
فالمرأة أصبحت لا تهمهم كثيراً وبعض شعرائنا يرددون للتي هجرته (ريدتك انتي شنو عشان علي تحرم.. انتي لا هيفاء لا نانسي بت عجرم) في تجني واضح على المرأة السودانية التي أوجدته وزاملته والتي ستعيش معه زوجة في داره، علماً بأن المطربتين اللتين كانتا مقياساً للأنوثة يراهما بعض العرب وكل الاسلاميين فتاتين خارجتين عن النص تماماً، ولكن ثقافة الثأر سيطرت على قريحة الشاعر وأراد أن ينتقم من امرأة واحدة فإنتقم من كل نساء السودان في شخص محبوبته التي هجرته .
فماذا بعد أن يصبح إرث وردي، محمد الأمين، حمد الريح، شرحبيل أحمد، البلابل، الموصلي، عبد القادر سالم، محمد ميرغني، صلاح مصطفى، عثمان مصطفى، زيدان ابراهيم، كابلي، مجذوب أونسة، صلاح بن البادية، زكي عبد الكريم، اللحو، كمال ترباس وغيرهم من الرواد والذين أخذوا عنهم نسياً منسياً.. وتخيلوا معي الأغنية السودانية في عام 2050م ستكون إن شاء الله كصحن كوكتيل من جزر البهاما مليئاً (بعجة الموز مع شوربة الضفادع وأرجل أبو جلمبو مع موسيقى حبشية زائيرية هندية مزينة بصولات مستمدة من أصوات الحمير) ومفردات تحتوي على جميع الأواني المنزلية والملابس و(شمار) آخر (ونسة) سمعها شاعر الأغنية من أصدقائه ليلة أمس قبل تلحينها ، وحينها قطعاً ستصبح الأغنية السودانية عالمية الانحدار وكونية المدار ولا عزاء لأهل الدفوف والطار .
خروج أول
شهدت الإذاعة السودانية نهضة عمرانية وتقنية كبيرة في عهد مديرها الأسبق عوض جادين محي الدين حتى أتى عليها طائف من الدعم السريع فشتت شملها .. ولكن أهل الابداع كانوا ناقمين عليه بسبب ايقافه لتسجيل الأغنيات العاطفية منذ مجيئه وحتى ايامه الأخيرة لفترة امتدت أربعة عشر عاماً ازدهر فيها سوق الكاسيت باعتباره الوسيلة الوحيدة المتاحة وبالمقابل تمدد هابط الغنا واسعاً ومن المطربين الذين كانوا يرفضون نهج الايقاف المطرب الراحل خليل اسماعيل الذي قال لي في حواري معه نشرته آنذاك بصحيفة (الرأي الآخر) المتوقفة الآن ، وأنا أسأله عن مدى اهتمام مدير الاذاعة بالانتاج الغنائي الجديد قال بسخريته المعهودة : ( مع السلامة يا عوض جادين والماعرف هسه يعرف بعدين ) وبعدها اسلم الروح لبارئها بعد سنوات فرحل مبكياً عليه بقدر ابداعه الثر ، ومن بعد غادر عوض جادين الإذاعة الى التلفزيون ثم الي سونا ثم الى منزله عقب سقوط الانقاذ ۔
خروج اخير
۔وقف إجتماع لجنة تنسيق شئون أمن ولاية الخرطوم في إجتماعه امس برئاسة والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة على مجمل الأوضاع الأمنية الجنائية بالولاية على ضوء التقارير المقدمة من كافة الأجهزة الامنية المكونة للجنة حيث أوضح تقرير شرطة ولاية الخرطوم إستقرار الوضع الجنائي بفضل الحملات التي يقوم بها الطوف المشترك على مواقع الجريمة والقبض على المجرمين ورقابة الاسواق والشوارع والمناطق المشبه فيها بمزيد من الاجراءات بتعقب معتادي الاجرام ومحاربة الظواهر السالبة فيما أثني الإجتماع على الانجاز الكبير الذي حققته الخلية الأمنية بتنفيذ عمليتين كبيرتين احدثتا دويا كبيرا يؤكد ان الأجهزة الامنية بالمرصاد لكل المجرمين. وعمل ضوابط للدعم النقدي المقدم من المنظمات واخضاعه للآليات المعمول بها بما يحقق العدالة في التوزيع .
سفر القوافي .. محمد عبدالله يعقوب : تأمين الخرطوم والحقيبة ورجالة زمان !!
