وأخيرا وليس آخرا تحررت مدينة سنجة حاضرة ولاية سنار من الجنجويد الأوغاد ، الذين عاثوا فيها فسادا لأشهر خلت ، فعادت بعزم ابطال قواتنا المسلحة الذبن سطروا الملاحم الباسلة في سجل التاريخ الناصع ليكرروا ذات التضحية والفداء في حربنا مع متمردي المليشيا في 2023م لتظل عقيدة جيشنا القتالية ثابتة منذ مائة عام اوتزيد ۔
وتأكد خبر تحرير سنجة رغم نشر العديد من الاخبار في وسائط التواصل الاجتماعي منذ ليلة الجمعة ، الا ان القول الفصل كان للناطق الرسمي باسم الحكومة الأستاذ خالد علي الاعيسر وزير الثقافة والإعلام، الذي أعلن عن عودة مدينة سنجة امس إلى حضن الوطن، وقال تحريرها تم بفضل الله وعزيمة الأبطال ۔ مضيفا إن عزم الشعب السوداني وإرادته في مواجهة التحديات والمحن يعكسان قوة وصمود الشعب وأجهزته العسكرية والأمنية التي لا تعرف الانكسار.
مردفا بإن الثقة التي يتمتع بها السودانيون في قواتهم المسلحة والمخابرات والقوات النظامية الأخرى، والقوات المشتركة والمستنفرين، ستظل ثابتة وراسخة رغم حجم الاستهدافات الداخلية والخارجية. وهذه الثقة هي دليل على وحدة الهدف ووضوح الرؤية وتماسك الإرادة الوطنية.
وزاد الاعيسر بأن هذا الصمود المستمر يؤكد أن الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق المزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة.
مؤكدا ان لحظة تطبيق العدالة والمحاسبة قادمة، وستطال كل من ساهم في هذه الجرائم، وسيتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم.
الاعبسر وزير الثقافة والاعلام حيا القوات المسلحة السودانية والأجهزة الأمنية والقوات المشتركة والمستنفرين، وكل من حمل همّ الوطن من زاويته وموقعه وإسهامه.
وما النصر إلا من عند الله،
فماهي سنجة التي عادت لحضن الوطن بعزيمة وصبر وثبات الابطال في قوتنا المسلحة الباسلة ، هي عاصمة ولاية سنار جنوب شرقي البلاد وتقول المصادر التأريخية انها كانت قرية صغيرة على الضفة الغربية للنيل الأزرق، وأصبحت مع توالي الهجرات إليها عبر الحقب التاريخية حاضرة مهمة شكلت جزءا من تاريخ السودان الحديث.
يفصلها النيل الأزرق إلى شطرين، وجعلتها مياهه جنة على الأرض، حيث تنتشر فيها الأشجار المثمرة مثل أشجار الموز والجوافة والمانغو، كما بها ثروة غابية وحيوانية مقدرة
تقع سنجة على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق، وترتفع 439 مترا فوق سطح البحر، تبعد عن عن الخرطوم بحوالي 360 كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي، وعن مدينة سناربحوالي 60 كيلومترا.
تبلغ مساحة سنجة 750 كيلومترا مربعا، تحدها من الناحية الجنوبية قرية أم بنين ومحلية أبو حجار الجديدة، ومن الناحية الشمالية محلية سنار ومن جهة الغرب محلية الدالي والمزموم، ومن الشرق مجرى النيل الأزرق.
ويقول المؤرخون أن اسم المدينة مشتق من كلمة “السنج” (مفردها سنجة) وهو نبات ينتشر في هذه المدينة بكثرة، ويقال إن مرادف هذه الكلمة في العربية هي المروج والمراعي الخضراء المنبسطة.
بينما يرى البعض أن الاسم مشتق من لفظة “السونكي”، ومعناها النصل أو السكين الذي كان يثبت على فوهة البندقية في الماضي، في حين ترجح روايات أخرى أن الكلمة مشتقة من لفظة “صنجة” وهي إحدى أدوات موازين الذهب قديما.
يطلق على المدينة أيضا “سنجة عبد الله” في إشارة إلى عبد الله ود الحسن، زعيم قبيلة “لكنانة”، وهي من أهم القبائل المستوطنة في المدينة، وكان أحد أمراء الثورة المهدية.
وصنف المؤرخون سنجة ضمن المدن القديمة التي استوطنها البشر، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن إنسان سنجة الأول عاش في العصر الحجري البلستوسيني، أي قبل أكثر من 160 ألف سنة.
ويقال ان الصدفة وحدها قد قادت الحاكم الإنجليزي لمقاطعة شمال الفونج، والذي كان يقيم في مدينة سنجة، إلى اكتشاف مقبرة سنة 1924 بينما كان يتنزه على شاطئ النيل، وعثر بداخلها على بقايا جمجمة متحجرة.أرسلها إلى لندن لتحليلها ودراستها ليتبين أن الأمر يتعلق بجمجمة إنسان عاش في المنطقة في الفترة التي تعرف علميا بالعصر الحجري الحديث، ولا تزال تلك الجمجمة محفوظة في المتحف البريطاني بلندن.
وكانت إحدى حواضر مملكة الفونج أو مملكة سنار، أشهر الممالك الإسلامية فيأفريقيا والسودان وأول سلطة سياسية مسلمة نشأت في سودان وادي النيل خلال القرن الـ16 الميلادي، وامتد حكم الفونج في بلاد السودان لأكثر من 3 قرون صارت خلالها مركزا مهما للإشعاع الثقافي والإسلامي في أفريقيا.
ولم يكن هجوم الجنجويد عليها هو اول مأسيها فقد تعرضت المدينة عام 1934 لحريق مهول أتى على كل بيوتها التي كانت عبارة عن أكواخ مبنية من القش ومتلاصقة مع بعضها البعض، إذ انطلق الحريق من جوار ضريح الشيخ ود عابدين وانتقل إلى باقي المساكن وساهمت الرياح في انتشاره بسرعة فتحولت المدينة إلى رماد.
ثم بنيت المدينة من جديد وفق مخطط عمراني حديث بشوارع واسعة ومنازل مبنية من الطوب الأحمر وميادين واسعة، وتم تخطيط الأحياء الأولى التي تعرف الآن بالشمالي والشرقي والغربي والجنوبي، أما السكان غير القادرين على البناء بالطوب فنقلوا إلى جنوب المدينة، حيث منحت لهم قطع سميت بسكن الأهالي. وأطلق على كل حي اسم القبيلة التي تسكنه.
بلغ عدد سكان محافظة سنجة 316 ألف نسمة يمثلون 27% من سكان ولاية سنار. وتتميز التركيبة السكانية للمدينة بالتنوع، وتتعايش فيها عدة قبائل مثل كنانة -وهي أولى القبائل التي استقرت فيها- والتعايشة والفونج والنوبة والجعليين والمعاليا والرزيقات وغيرهم.
ويقول أهل سنجة إن في مدينتهم رحما مع كل أجناس السودان، حيث تصاهرت هذه القبائل فيما بينها وانصهرت وقدمت نموذجا إيجابيا في التعايش السلمي.
واشتهرت سنجة بالطرق الصوفية والأضرحة التي كان لها دور مهم في نشر وتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين وإحياء ليالي الذكر والمديح النبوي، خاصة في المناسبات الدينية.
ويتناقل الأهالي أساطير وحكايات عن شيوخ الصوفية في المدينة الذين كانت لهم أدوار دينية وتعليمية إلى جانب مساهمتهم المهمة في مقاومة الاحتلال، وتحولت قبورهم إلى مزارات وفضاءات لتحفيظ القرآن والعلوم الشرعية.
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب وعادت سنجة بعزيمة الأبطال وبأس الرجال !!
