19.3 C
Khartoum
الإثنين, ديسمبر 23, 2024

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب ذكرى السني الضوي وحميدة ابوعشر و( غضبك جميل زي بسمتك ) !!

إقرأ ايضا

ذكرى السني الضوي وحميدة ابوعشر و( غضبك جميل زي بسمتك ) !!

جالت بخاطري ذكرى رحيل ساحر الألحان المغني الفنان الموسيقار المدهش السني الضوي بعد مسيرة عطاء إمتدت لعقود من الزمان ، رحل السني وقد عانى من ويلات المرض في سنوات عمره الأخيرة ولكن القدر المحتوم قد نفذ فيه فأسلم الروح لبارئها راضيا مرضيا دون أن يحمل غلا لأحد سوى موسيقاه العذبة وشدوه الطروب ( ناس قراب منك عرفو سر حسني ) , ( نحن البينا عامرة ) ، ( والله وحدوا بينا البارحونا وراحوا ) مع رفيق دربه الراحل الفنان ابراهيم ابودية الذي عاني من فقدانه السني لسنوات ، وتقول السيرة التوثيقية المختصرة للراحل ( ولد الفنان السني أحمد محمد الضوي بمدينة نوري بالولاية الشمالية في العام 1936 م وبدأ دراسته بخلوة الشيخ الحسن كرار بنوري . . وسافر في بواكير صباه إلى مدينة بورتسودان 
حيث استقر مع شقيقه الأكبر محمود السني المقيم بتلك المدينة والتحق بمدارس كمبوني, شد الرحال مرة اخرى إلى مدينة الخرطوم واكمل دراسته بمدارس الأقباط وتخرج من المعهد الفني وتم تعيينه موظفا في ( شركة النور ) سابقا – حاليا الهيئة القومية للكهرباء – حتى انتهاء خدمته و احالته للمعاش )، أما نشاطه الفني مع رفيقه الاخير ( ابو ديه ) فلا تسعه مجلدات كاملة ناهيك عن زاوية في منصة اخبارية ، ويكفى أننا نستمع في كل يوم عبر الإذاعات والفضائيات السودانية لدرة خالدة من درر ( ثنائي العاصمة ) علاوة على الحان الراحل المتدفقة لدى المطربين الشباب والرواد معا .
2
مرت علينا في اكتوبر الماضي ذكرى رحيل الشاعر المناضل ( الأسطى ) حميدة ابو عشر ، ولعل الحرب المجنونة قد بعثرت ذواكرنا فغابت عنا ذكراه العطرة ، ذلكم الفذ الذي نافح وكافح الاستعمار البريطاني للسودان ردحا من الزمن ، فكان ( زبونا ) دائما لحراساته ، لا لجرم جناه سوى أنه كان يطالب بالحرية والإنعتاق للشعب السوداني .
الكثيرون وثقوا لهذا الشاعر ، بل إن الباحث في التراث السوداني الدكتور أمير النور ابراهيم ظل طوال معرفتي به التي إمتدت لأكثر من ربع قرن من الزمان أسيرا لقريض هذا الشاعر متيم بكل ما جادت به قريحته رغم أنه لم يلتق به مرة في حياته ، فقد رحل حميدة قبل مولد أمير النور .
ولكن أوفى توثيق لهذا العملاق كان قد كتبه إبن الجزيرة الخضراء زميلنا الصحفي الكبير عماد الحلاوي بدرة الصحافة السودانية صحيفة المجهر السياسي بمناسبة مرور (60) عاماً على رحيل حميدة أبو عشر في العام 2015م ، وفي أكتوبر الماضي مرت الذكرى 69 لوفاته ، فالنقرأ درر الحلاوي ( الشاعر “حميدة أبو عشر”، ربما لا يعرف سيرته الكثيرون، رغم ترديدهم لأغانيه (غضبك جميل زي بسمتك- الحجل بالرجل- ظلموني الأحبة)… ولد الشاعر “حميدة أحمد عثمان” الشهير (بحميدة أبو عشر) في عام 1931م بمدينة (أبو عشر) التي أنجبت العديد من القامات. ففي مجال العلم خرجت مراجع للفتوى الشيخ “عبد النور” والقاضي “عثمان حاج أحمد”، وفي مجال كرة القدم برز اللاعب “عثمان زكي” و”أبو الجاز” و”صبحي” و”خليفة”، كما أنها خرجت العديد من الشعراء مثل “النعيم محمد نور”.
وترعرع “حميدة” هناك حيث درس الأولية بها، ثم عمل نجاراً في مدرسة حنتوب الثانوية في الفترة من 1943 م وحتى 1947م.
وعند افتتاح مدرسة الحصاحيصا الثانوية القديمة عام 1943م، ولما كانت هناك حاجة ماسة إلى حرفيين لتجهيز الكراسي والأدراج للتلاميذ الجدد تم نقل “حميدة” إلى مدرسة الحصاحيصا الثانوية، فتدفق شعراً مودعاً حبيبته حنتوب بقصيدته التي أبدع في غنائها الفنان الكبير “إبراهيم الكاشف”.وداعاً روضتي الغنا وداعاً معبدي القدسي .
ويروي عنه ابن أخيه “الشبلي محمد علي” والذي كان مقرباً منه، أن عمه حكى له أنه ذات يوم كان جالساً في مقهى “جورج مشرقي” بأم درمان، وأتت فتاة قبطية فاعتقدت أنه ينظر إليها فغضبت منه (مالك بتعاين لي) فكتب قصيدته التي تقول:
على كل حال شكلك بديع 
غضبك جميل زي بسمتك 
يواصل ابن أخيه “محمد علي” فيقول عن الشاعر “حميدة”، إن المستعمر لما ضاق من نشاطه السياسي اعتقل ضمن عدد من قيادات النقابات وقرر المستعمر نقله من سجن كوبر إلى سجن الأبيض، وقد كان الشاويش “أحمد جبران” ملازماً له في القطر وهو (مكلبش)، وفي طريقهم إلى الأبيض طلب من الشاويش “أحمد جبران” ورقة وقلماً وكتب فيها قصيدته المشهورة (الحجل بالرجل)… التي غناها الفنان الراحل “حسن عطية” وهو يصور حاله في القطار وملازمة الشاويش له … ويقول فيها:
الحجل بالرجل يا حبيبي سوقني معاك
وكانت النقابات تأمر قواعدها للقاء “حميدة” في طريق القطار لتهتف باسمه وكانت تستقبله بالهدايا وعندما رأى الشاويش هذه الاستقبالات سأله عن اسمه، حيث كان اسمه المسجل عنده هو “محمد” فأخبره بأنه من ضمن من نفذوا إضراب 1952م فقام الشاويش وفك الجنزير واحترمه وأصبحت له علاقة طيبة مع الشاويش. 
وعندما وصل الأبيض طلب من الشاويش أن يأخذ الهدايا ويحضر له كل يوم شاي وقهوة وامتدت هذه العلاقة، وبعد أن تم إطلاق سراحه من السجن الذي كان مأموره “بحيري” والد الوزير بحكومة “نميري” “مامون”، تزوج الشاعر “حميدة” من ابنة أخ “أحمد” الشاويش “سعدية محمد جبران”، فأنجب منها (الأمين – ابتسام – هدى) واستقر هناك حتى وفاته عام 1955م ) إنتهى .
خروج أول
ماذا لو كرمت وزارة الثقافة والاعلام الإتحادية هذا الشاعر المناضل بمهرجان يتبارى فيه شباب الشعراء بعد الحرب ، بنصوص الغزل العفيف الشفيف بعد أن دمرت الماديات دواخل شبابنا وتملكت غلظة القلب والردود الجاهزة العنيفة من وجدان صبايانا ، حتى غدت الفتاة السودانية صورة دون محتوى انثوى بسبب إنعدام التشبب الراقي و شعر النسب العذب المغنى .
خروج أخير
على والي ولاية الجزيرة ان تقرر بأن تكون ذكرى رحيل الشاعر حميدة ابو عشر القادمة تظاهرة ثقافية ترتج لها مدن وقرى وأرياف ولاية الجزيرة وتحتويها مدينة أبو عشر العملاقة وفاءا لهذا المناضل المبدع الجسور ۔

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة