في العام 2015م وبعد بضعة أشهر من تعييني وزيراً للسياحة تلقيت دعوةً من منظمة السياحة العالمية للمشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للدول الأعضاء (الذين يتجاوز عددهم المائة والخمسين دولة باعتبارها إحدي وكالات الأمم المتحدة المتخصصة) والمنعقد بالعاصمة الكولومبية (بوغوتا).. استجابت حكومتي للدعوة… فحزمت حقائبي ويممت شطر العاصمة الكولومبية وانا كسير الجناح لان بلدي مثقل بعقوبات متعاقبة بسبب عدم ايفائه بدفع الاشتراكات السنوية عدا عاماً واحداً فقط خلال الاثنين واربعين (42) عاماً التي انتظم فيها عضواً بالمنظمة بل هو من زمرة المؤسسين لها…
حين وصلت وأتمرت مع المؤتمرين وجدت نفسي محروماً من كل الوثائق ، وحق التصويت ، والترشيح ، والترشح لأيٍ من هياكل ولجان المنظمة، بل ومن دعم آخر ، مما دفعني لعقد اجتماعٍ مع الامين العام متلمساً حلاً لهذه الأزمة، فما كان منه الا ان بسط لي الأمر وقال : إن كان لك القدرة علي توقيع جدولة لهذه الديون نيابة عن حكومة السودان فعندئذٍ يمكننا رفع العقوبات؟ فقلت له سوف أوقع.. وبالفعل في ذات الليلة التي سبقت صبيحة يوم تلاوة البيان الختامي للمؤتمر وقعتُ علي جدولة ديون المنظمة علي السودان لخمسة وعشرين (25) عاماً قادمات، وقد كان ان أُعلن اول قرار في البيان الختامي الذي تُلي علي المؤتمرين برفع العقوبات عن السودان بموجب تعهد حكومته بجدولة الديون… وكان بحق انجازاً عظيماً فتحت بعده المنظمة لبلادنا أبواب الدعم الفني والتدريبي والبرامجي، وتُوّج ذلك بزيارة الأمين العام للسودان كسابقة لم تحصل من قبل ومشاركته هو وطاقمه في مهرجان السياحة بالبحر الأحمر، وترشحتُ لعضوية المكتب التنفيذي للمنظمة في العام 2017 وفزت بالإجماع، وبذا يكون السودان قد حظي بهذا الموقع الرفيع الذي لم يتمتع به منذ أنضمامه كمؤسس للمنظمة في سبعينات القرن الماضي..
وبالمناسبة اندهشت من رقة وسهولة الشعب الكولومبي رغم حركات التمرد الشهيرة، وانتشار المخدرات، التي تمت مكافحتها بطريقة حاسمة وراشدة، ومما يؤكد ذلك أن شاباً عاملاً بالفندق الذي كنت اقيم به اسلم علي يديّ دون عناء…
واليوم يتم حشر مجموعة من الجنود الكولومبيين في حرب السودان بخدعة وتغرير، وحين تكتشف حكومة بلادهم ذلك ينبري رئيسهم علي الملأ ويعلن اعتذار بلاده عن هذا السلوك المشين ويرسل الوفود، ويقرر معاقبة كل من يذهب ليشارك الا يعود مرة أخري لبلاده…
ولذا فلا بد من الاشادة بهذا الموقف النبيل والتواصل مع هذا البلد اللاتيني الناطق باللغة الاسبانية والتي تحتوي علي اكثر من خمسة آلاف كلمة عربية… ومنهم أحفاد دولة الأندلس وبقايا الدولة الاموية…
مثلما رفعت عنا في عاصمتها العقوبات، فوجب علينا أن نرفع لرئيسها القبعات…
ولي مع بلد لاتيني آخر قصة ورواية وسفارة.. انها دولة البرازيل في العامين 2003 و 2004 لما كنت وزيراً بالتربية. باعتبارها أكبر دولة من دول اللاتين وامريكا الجنوبية.