37.3 C
Khartoum
الأربعاء, سبتمبر 17, 2025

العماس… المؤسّس والرائد: سِفْرُ العطاء في إدارة العلاج الموحد ✍️ خليفة جعفر علي

إقرأ ايضا

في سجلّات الخدمة العامة، قلّما يُخلَّد اسمٌ إلا إذا اقترن بالعطاء اللامحدود، والرؤية الثاقبة، والضمير الحيّ. وهكذا هو الأستاذ العماس، ذاك الرائد الفذّ، الذي لم يكن مجرد موظف يؤدي مهاماً إدارية، بل كان شعلةً مضيئة حملت همّ الإنسان، ورسالة المؤسسة، فوقفت شامخةً في وجه التحديات، صامدةً في محراب الإنسانية.

لقد كان العماس هو العقل المُبدع والمِعول الأول في تأسيس إدارة العلاج الموحّد التابعة لديوان الزكاة ولاية القضارف، تلك الإدارة التي وُلدت حديثا، لكنها شبت وكبرت وتألقت تحت رعايته، مستلهمة من حكمته وتجربته، حتى غدت اليوم صرحاً شامخاً، ومرتكزاً رئيساً للعدالة العلاجية، وحزام أمان لكل من أنهكه المرض أو أنهكته الحاجة.

لم يكن التأسيس مجرّد قرار إداري عابر، بل كان رؤية استراتيجية متكاملة، وُلدت في قلب العماس، قبل أن تُسطر في دفاتر الحكومة. حملها كمن يحمل أمانة، وسعى حثيثاً لتحويلها من فكرة وليدة إلى منظومة متكاملة تنبض بالحياة، تُدار بتناغم فريد يشبه عزف السمفونيات الخالدة، حيث يتآزر الأداء المؤسسي مع النبل الإنساني، في منظومة عنوانها الأبرز: الكرامة أولاً، والحق في العلاج فوق كل اعتبار.

عرفه الناس رجلاً لا يُهادن في الحق، ولا يلين في وجه الواجب، ولا يغيب حين تحضر الأزمات. ومع اشتداد موجات النزوح، كان حضوره لافتاً، ليس بصفته الوظيفية فحسب، بل بوعيه، وإنسانيته، وسعة صدره، وجرأته في اتخاذ القرار. تنقّل بين المستشفيات العامة والخاصة، داخل وخارج الولاية، مُنسقاً، وميسّراً، ومُتكفّلاً حين يستدعي الأمر، لا فرق عنده بين كبير وصغير، ولا بين نازح ومقيم، فالجميع عنده يستحقون الرعاية والاهتمام ذاته.

ولم يتوقف عطاؤه عند أروقة المؤسسات، بل تعدّاها إلى مواقف إنسانية تجلّت فيها أعظم معاني الإيثار. كثيراً ما تكفّل بعلاج حالات على نفقته الخاصة، واستحدث بنداً لدعم المرضى المحتاجين للعلاج خارج الولاية، قبل أن يتّسع الأفق الإنساني ليشمل إرسال بعض الحالات إلى الخارج، في سابقة تُسجّل له، وتجسّد مدى عمق انتمائه لرسالته، والتزامه الأخلاقي تجاه من لا حول لهم ولا قوة.

والمُدهش في كل ذلك، أن الأستاذ العماس ظلّ متوارياً عن الأضواء، زاهداً في المظاهر، مكتفياً بأن يرى ثمار جهده تتجلى في نظرات الامتنان، وابتسامات التعافي، وهمسات الدعاء التي تملأ القلوب. هو المدير الإنسان في أبهى صوره، من جمع بين الحزم الإداري، والحسّ الإنساني، بين التخطيط الاستراتيجي، والنبض الشعبي، فكان بحقّ نموذجاً يُحتذى، ورمزاً يُشار إليه بالبنان.

وما كان لهذا النجاح أن يكتمل لولا الكوكبة الرفيعة من فرسان إدارة العلاج الموحد، أولئك الجنود المجهولون الذين لا يُرَون إلا في آثار أيديهم، ولا تُسمع أصواتهم إلا في حفيف خطواتهم داخل أروقة المشافي، يعملون في صمتٍ ونبل، مشكّلين مع قائدهم ملحمةً من التفاني والكفاءة، تُجسّد الوجه المُشرق للقضارف، وتُقدّم درساً في العمل المؤسسي النزيه لكل السودان.

ختاماً…
إن الحديث عن الأستاذ العماس، ليس حديثاً عن شخص، بل عن رؤية تأسيسية ناهضة، وعن رجل استثنائي جعل من منصبه رسالةً، ومن وظيفته وقاراً، ومن ضميره نوراً يضيء دروب المستضعفين. له، ولرفاقه من حملة المشعل، نرفع القبّعات، ونقول بكل فخر:

أنتم صوت الضمير الحي، ودرع الضعفاء، وراية العطاء الخالص في زمن التحديات.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة