28.5 C
Khartoum
الأربعاء, سبتمبر 17, 2025

رحلة التحرر من الاستعمار الثقافي الحديث الي الاحتلال الاستيطاني البدوي المتخلف الجهول….. بقلم:محمد أبوزيد مصطفى

إقرأ ايضا

تركيا العثمانية حاكمة الخلافة الإسلامية احتلت أرض دولة سنار وضمتها قسراً الي جغرافيتها، وفرضت عليها ما اعتادت ان تفرضه علي امصارها، ولكن كان من أغراضها الأساسية البحث عن الرجال المقاتلين لصفها، واكتساب ثروات البلاد المعدنية من الذهب والنحاس وغيرهما، فتطاول سلطانها لأكثر من ستة عقود اذاقت فيها الشعب الأمرين من الإهانة والاذلال، رغم ما قدمته من بعض الإنجازات المحدودة، ولكن انتصر الشعب لشموخه وعزته بثورة تحررية عارمة قادها الإمام المهدي فاجبرهم علي الجلاء، وسطر بذلك تاريخاً ناصعاً جسد عزة وكرامة ووحدة وطنية استعصت علي الانكسار والاستعباد.
ولكن لما سقطت الخلافة الإسلامية بتآمر الحلفاء الأوروبيين وجهت بريطانيا قوتها صوب ثورة شعبنا واسقطتها بعد كرٍ وفرٍ انتصرت فيها القوة الغازية رغم الهزائم التي تعرضت لها، وانهت حكم الثورة المهدية لان سلوك عبدالله التعايشي الذي اعقب الإمام المهدي في الحكم لم يكن راشداً بل كان باطشاً بشعبه بطشاً لا يقل قساوة عن الانكشارية التركية ان لم يكن أسوأ منها، مما ادي الي الانقسام الداخلي الحاد واضعف الاصطفاف الذي لقيته الثورة في كل جولاتها مع المحتل الاجنبي
.
لم يهدا ولم يهنأ المستعمر البريطاني رغم انه ساس المجتمع السوداني بالعصا والجزرة، إلا أنه تجذر في عمق المجتمع وسبر غوره، وتمكن من معرفة مواطن الضعف، واسند سلطات الادارات الاهلية لمن يرتضيهم، كما اختار بعناية قيادات حزبية طائفية تدين له بالولاء حتي من بيت المهدي الذي ناصبه العداء، وصنع نخبة من المثقفين واشربهم فكرته ونهجه الديمقراطي المخادع، وصمم ديمقراطية علي اساس طائفي وزع فيها الولاء جهوياً، وبذر بذور الفتنة الشقاق بينها، وانتهج سياسة (فرق تسد)، ورغم انه قد ارتحل بعد موجة (تقرير المصير) التي انتظمت لدي الشعوب المستعمَرة، وظل متصلاً عن طريق سياسة الذراع الطويل مع النخب السياسية التي ادمنت الفشل المتعاقب، فقط لأنها كانت تستقيظ أحيانًا تبحث عن التحرر الكامل، في حين أن المستعمر خطط لاستدامة الاستيطان ولكن بطرائق شتي وأهمها التبعية والنفعية الاقتصادية لصالحه.
ولقد اجتهدت حقبة الإنقاذ ان تستقل بالقرار والنهج الإسلامي ولكنها لم تذق طعم الراحة من كثرة الضربات المتلاحق ، إلى ان انتهي بها الحال الي الاجتثاث بحرب طاحنة اكلت الأخضر واليابس، وارجعت البلاد الي عصور ما قبل التاريخ بواسطة عربان الشتات الذين لا يعرفون للحياة معني ولا للتحضر مكاناً..

اليوم وشعب السودان ينتفض خلف قواته المسلحة ليستعيد عزته كرامته المسلوبة، عليه أن يستعيد ذاكرته ويقلب صفحات التاريخ ليقرأ ما كتبه المستعمر من ترتيبات أدت الي هذا الواقع المرير، ويقلب الطاولة علي من ادمنوا الفشل السياسي والاجتماعي النخبوي، ويعود بالبلاد الي عهدها الأول الزاهر فيوطن قيمه وثقافته، وينهض ببلاده موحدة مزدهرة، ابية غير هيابة لما يحاك حولها من مؤامرات، وإن الشعب بما أودع الله فيه من خصائص نادرة لقادر علي المواجهة والانتصار بعون الله.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة