38.1 C
Khartoum
الأربعاء, يوليو 30, 2025

حسن غزالي.. حيث يبدأ الأثر ولا ينتهي ✒️مي عجلان

إقرأ ايضا

متابعات:عبق نيوز

في زياراتي الأخيرة إلى مقر الاتحاد الإفريقي، حيث تتشابك خيوط السياسة مع نبض الشباب، وتلتقي ثقافات القارة على أرضية مشتركة لم يكن يمرّ يوم دون أن يُطرَح عليَّ السؤال نفسه – مرارًا وتكرارًا – أنتِ من مصر؟! تعرفين حسن غزالي؟!

كنت أعلم جيدًا مدى تأثير غزالي، ولا سيما فيما يتعلق بالملف الإفريقي؛ فقد كان علامة فارقة في كل نقاشٍ يتناول إفريقيا، أو الشباب الإفريقي.

كان صوته حاضرًا حين يغيب غيره، وكانت بصمته واضحة في الملفات العميقة التي لم تكن تحظى سابقًا بالأولوية كما أن حضوره في المحافل الإفريقية، والدولية كان لافتًا.

ليس لأنه الأكثر حديثًا؛ بل لأنه الأكثر صدقًا، وإتقانًا، وذكاءً في بناء العلاقات وقراءة التحولات.. لقد أمن بأن إفريقيا ليست ملفًا في السياسة الخارجية؛ بل قضية وجود وهوية وتكامل مصيري، وأن قوة مصر الناعمة تُقاس بما يُزرع من مبادرات وقيادات شابة تؤمن بالقارة، حيث وضع نصب عينيه هدفًا استراتيجيًا إعادة وصل ما انقطع بين الشباب المصري ونظرائهم في القارة لم تكن مجرد فكرة، بل رؤية تسعى إلى ترسيخ الوعي الإفريقي، وبناء جيل جديد يُدرك عمق افريقيا الحقيقي ومجالها الحيوي الأهم.

فمنذ أكثر من عشر سنوات عرفتُ حسن غزالي، على مسرح الجامعة الأمريكية بالقاهرة كنت حينها أستعرض مشروع تخرّجي حول دور المرأة في حل النزاعات الاجتماعية في صعيد مصر، في إطار برنامج تشبيك أعرض نتائج بحثٍ أراه أقرب إلى قلبي من أي ورقة أخرى كتبتها.

في ذلك اليوم، ناقشني حسن بهدوئه المعتاد، وبحضور يفرض احترامه دون استعراض. منذ ذلك اليوم، وأنا أراه كما هو اليوم يحمل مشروعًا حقيقيًا لا يحمل حقيبة دبلوماسية، لكنه يُحسن مخاطبة القارات، لا يتحدث باسم أحد، لكنه يُلهم الجميع.

وتمر سنوات أخرى على إنجازاته وأفكاره التي لا تنقطع، ليطلق بعد ذلك أحد أبرز إنجازاته؛ وهي “منحة ناصر للقيادة الدولية لتدريب وتمكين القادة الشباب”؛ تخليدًا لإرث الزعيم الراحل جمال عبدالناصر؛ حيث لعب دورًا محوريًا في تأسيس وقيادة هذه المنحة، التي تُعد تجربة متكاملة تحمل في مضمونها أبعادًا فكرية وتاريخية وثقافية، تسعى لتكوين نواة من القادة الشباب، المؤمنين بالتكامل، والمتسلحين بالوعي والمعرفة.

استضافت المنحة مئات الشباب من مختلف الدول، ليلتقوا في قلب القاهرة، ويتعلموا من التاريخ، ويتناقشوا في الحاضر، ويبنوا جسور المستقبل.

اليوم، وبعد سنوات من العمل؛ أصبح غزالي رمزًا شبابيًا معروفًا داخل إفريقيا. ليس لأنه يسعى وراء الأضواء،؛ بل لأنه عمل في الظل؛ فصارت سيرته تسبقه؛ لذا سيظل الاستثمار في الإنسان، وفي الوعي، وفي العلاقات الثقافية هو الأكثر عمقًا، والأبقى؛ حيث راهن على الهُوية المشتركة، واللغة الإنسانية، والقيم التي تجمع ولا تفرق؛ حيث أسس مساحات حقيقية للحوار جعله نموذجًا لدبلوماسية الظل؛ تلك التي لا تُمارَس من خلال الميكروفونات؛ بل من خلال الحضور الحقيقي، والمبادرة الصادقة، والعمل المستمر بعيدًا عن الأضواء.

قد لا تتصدر إنجازات حسن غزالي عناوين الأخبار اليومية، ولكنه حاضر بقوة في مشاريع الشباب الإفريقي، ومحفور في الذاكرة المؤسسية لـ منحة ناصر، وفي كل مساحة اختارت التعاون على التنافس، والبناء على الاستعراض.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة