29.4 C
Khartoum
الثلاثاء, سبتمبر 16, 2025

المتأخرات الضائعة… معلمو كسلا بين الحق المؤجل والواجب المنسي ✍️ خليفة جعفرعلى – كسلا

إقرأ ايضا

لا يُجادل اثنان في أن المعلّم هو صانع الوعي، وحارس القيم، وركيزة النهضة الوطنية. فهو الذي يذود عن مستقبل الأجيال بقلمه، ويزرع في تربة الوطن بذور العلم والمعرفة، في وقتٍ تتقاذفه الأزمات وتحيط به التحديات. ومع ذلك، ظل المعلّم السوداني – وفي ولاية كسلا على وجه الخصوص – يرزح تحت أثقال المتأخرات، ويعاني من ضيق العيش بعدما التهم التضخم الماحق قيمة الجنيه وأحال الأجور إلى مجرد أرقام باهتة.

ولا يفوتني هنا أن أتوجه بالشكر لحكومة ولاية كسلا التي بادرت، مؤخراً، إلى صرف مرتبات ثلاثة أشهر؛ اثنان منها تخص العام 2025، فيما جرى صرف شهر واحد خصماً من متأخرات العام 2024. وهي خطوة – وإن كانت تستحق التقدير – إلا أنها لا تمثل سوى بداية الطريق، ولا ترقى إلى مستوى حجم الاستحقاقات المعلقة منذ سنوات، والتي باتت ديناً في عنق الدولة لا يسقط بالتقادم.

إن قائمة المتأخرات المستحقة لمعلمي كسلا طويلة ومتشعبة، ويمكن إجمالها فيما يلي:

نسبة 60% من مرتبات شهري أغسطس وسبتمبر لعام 2023.

ثمانية أشهر كاملة من مايو وحتى ديسمبر للعام 2024.

مرتبات شهري يوليو وأغسطس للعام 2025.

ست منح للأعياد، إضافة إلى الفروقات وبدل اللبس والبديل النقدي.

تعديل بدل الوجبة منذ صدور القرار وبأثر رجعي.

الترقيات وفروقاتها التي طال انتظارها.

وهذه ليست امتيازات تُمنح، ولا عطايا تُجزل، بل هي حقوق ثابتة نصّت عليها القوانين وأوجبتها اللوائح، واعتُبرت ركناً أصيلاً من التزامات الدولة تجاه من حملوا على عاتقهم أمانة التعليم.

ولعلّ أخطر ما في الأمر أنّ التضخم الماحق جرّد هذه الحقوق من قيمتها، فأضحى ما كان يكفي أسرةً كاملة لا يسدّ اليوم قوت يوم واحد، مما يستوجب من حكومة الولاية إعلان جدولة واضحة وشفافة لصرف المتأخرات، صوناً لكرامة المعلم واستقرار العملية التعليمية.

إننا حين ننادي بهذه المطالب، فإنما ننتصر للعدل والإنصاف، ونُذكر الدولة بأن بناء الأمم لا يكون بغير المعلّم، وأن تكريم المعلّم لا يُقاس بالخطب ولا بالشعارات، بل بالوفاء لحقوقه وصون كرامته في ميدان العيش.

فيا حكومة كسلا الموقرة، إن ما تنتظره أجيال الغد منكم أعظم من أن يُقاس بالمال، بل يقاس بقدرتكم على رد الحقوق إلى أصحابها، حتى تُفتح المدارس في موعدها، ويهنأ أبناؤنا وبناتنا بعامٍ دراسي مستقر، يجدون فيه معلماً مكرماً غير مثقل بالهموم، قادراً على أداء رسالته في أجواء من الطمأنينة والعدل.

سبتمبر 2025

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة