35.7 C
Khartoum
الإثنين, سبتمبر 15, 2025

الرباعية وبيان السلام في السودان.. بين التناقضات والواقع المر ✍️ خليفة جعفر علي

إقرأ ايضا

البيان المشترك الذي صدر في الثاني عشر من سبتمبر عن الرباعية (مصر، السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة) بشأن استعادة السلام والأمن في السودان، جاء في ظاهره متماسكاً وواعداً. فقد وضع المبادئ الكبرى التي ظلّ الشعب السوداني ينادي بها: سيادة الدولة، وحدة التراب، رفض الحل العسكري، حماية المدنيين، وصول المساعدات الإنسانية، والانتقال السياسي بقيادة مدنية شاملة وشفافة.

هذه عناوين سامية بلا شك، لكن عند التمعّن في تفاصيل المشهد السوداني، يطلّ السؤال الجوهري: كيف يمكن أن يكون أحد أبرز رعاة الحرب جزءاً من معسكر صانعي السلام؟

المفارقة التي يصعب على العقل استيعابها أنّ الإمارات التي أشارت أصابع الاتهام إليها مراراً بدعم عسكري وسياسي للدعم السريع تجلس اليوم إلى الطاولة ذاتها لتطرح نفسها كوسيط وضامن لإنهاء الحرب. هذا التناقض الفاضح يفرغ البيان من كثير من محتواه الأخلاقي، ويجعل صداه لدى الشارع السوداني أقرب إلى الشكوك منه إلى الاطمئنان.

فأي سلام يُرجى بينما شرايين التسليح ما تزال مفتوحة، وأي انتقال سياسي يمكن أن يبدأ طالما التدخلات الخارجية لم تُرفع عن جسد السودان المنهك؟ إن الشعب السوداني لا يحتاج إلى بيانات مُنمقة بقدر حاجته إلى أفعال ملموسة، تبدأ أولاً بوقف التدخلات وقطع مصادر التمويل التي تغذي آلة الحرب، لا سيما تلك القادمة من أطراف إقليمية معلومة.

ولأن التجارب علمتنا أن السلام لا يُصنع بالمجاملات ولا بالوثائق وحدها، فإن المصداقية تقتضي أن يقرّ كل طرف بمسؤوليته، وأن يُظهر جدية عملية في تغيير سلوكه. وبغير ذلك سيظل هذا البيان، كسابقاته، مجرد حبر على ورق.

إن السودان يستحق سلاماً حقيقياً لا سلاماً صورياً، سلاماً ينهي الحرب فعلاً لا قولاً، سلاماً يُعيد القرار إلى أصحابه الشرعيين: الشعب السوداني، لا الوسطاء ولا الرعاة الذين كانوا بالأمس جزءاً من الأزمة ويحاولون اليوم الظهور في ثوب الحل

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة