قوافل تعزيز ثقافة السلام التي كان يسيرها المشروع القومي لتعزيز ثقافة السلام الى محليات الولايات ( الملتهبة ) ابان حكم البشير وحمدوك معا أتت أكلها لو جزئيا قبل ان ( تشفط ) مليشيا الدعم السريع هذا النجاح الجزئي بكوارثها المتلاحقة في عشر ولايات سودانية كانت آمنة مطمئنة ، وكان نجاح المشروع التوعوي ظاهرا من خلال تعامل موطني ولايات الوسط والغرب والصعيد الذين نزح بعضهم شمالا حتى وصلوا الى وادي حلفا على حدودنا مع جمهورية مصر ، فقد تخلى العديد منهم عن ثقافة حمل السلاح الأبيض ( السكين الحقدي ) وهواجس (الكلام المر) بالتدقيق في ما كل يقال له من باب الأغنية البقارية ( ياناس الريد في الكلام بنشم ) بل أن بعضهم أضحى ( فنان نكات ) بكل ما تحمل هذه الصفة من معنى
وهذا المشروع – ثقافة السلام – إجتهد فيه عدد من علماؤنا بالجامعات منهم الأستاذ موفق عبدالرحمن محمد المدير التنفيذي للمشروع – آنذاك – البروفيسور فائز عمر جامع نائب الأمين العام للمشروع ، البرفيسور الحاج أبا آدم ، الدكتور عاطف عجيب ، الدكتورة آفاق محمد صادق ، المدرب الذهني محمد عطا عبد الغني ، ومقرر المشروع الأستاذ النذير وثله من الدكاترة والعلماء بهيئة علماء السودان بجانب العديد من الفرق الفنية والدرامية جابوا ولايات السودان الغربية والجنوبية – النيل الأزرق وغرب كردفان – ودخلوا الولايات الشرقية والشمالية بجانب الخرطوم إستكمالا وإسنادا لعملية جمع السلاح وتعزيز الأمن والطمأنينة بين سكان الوطن الواحد والتي ذهبت من بعد اداراح الرياح بالحرب الملعونة .
وكنت أحد الصحفيين الذين رافقوا تلك القوافل الى الولايات فكانت الرسائل التي قال بها أأولئك العلماء مجتمعين حاثة أهل السودان في المدن والقرى والفرقان بأنه لبناء وتحقيق السلام لابد من ترسيخ القيم التالية ، وهي قيم نابعة من عقيدتنا ومجتمعنا ، ومنها قبول الآخر إذ لابد أن نتقبل بعضنا البعض والإستفادة من التنوع الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والثقافي و إعتباره حق فطري رباني بجانب العدالة إذ أن العدل يتطلب التمييز الإيجابي للضعفاء والفقراء والمتأثرين بالحرب بتقديم الخدمات وتوفير الفرص في كافة المجالات ، بجانب المساواة
إذ أن جميع مواطني الولاية لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات وفقآّ للدستور والقوانين بغض النظر عن خلفياتهم الإجتماعية والسياسية والدينية والإثنية وغيرها ، والدعوة الى التعاون والتكافل بإعلاء قيم التعاون والتكافل بين افراد المجتمع من اجل التماسك وتعزيز السلم الإجتماعي والتعايش السلمي الممتد ،
ويأتي التسامح كقيمة أخلاقية جوهرية فلابد من إعلاء قيمة التسامح بين مكونات المجتمع عبر ترجمتها في برامج و مشروعات عبر المؤسسات الرسمية والشعبية ثم الإخلاص ، وهو إخلاص النوايا في كل الاعمال لوجه الله تعالى.
وحدد المحاضرون والمدربون عبر الورش والدورات التدريبية أسباب النزاعات بالولايات الدارفور وربما بجنوب كردفان والنيل الأزرق في الصراع حول السلطة والموارد. وسؤ إدارة وإستخدام الأراضي أدي لنشؤ الصراعات.، وضعف الوازع الديني وإنتشار الأمية وضعف ثقافة الحوار وقبول الرآي الآخر.
أما الأسباب غير المباشرة بحسب الدكتور عاطف عجيب والمدرب محمد عطا فتتلخص في سؤ إدارة التنوع وتفشي العنصرية والقبلية وضعف المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ، علاوة على الحدود المفتوحة مع دول الجوار مما أدى لتفاقم النزاعات مع ضعف الوعي المجتمعي بالقوانين وضعف آليات تنفيذ القانون
وكانت لهذه النزاعات آثار سالبة آثار النزاعات في تفكك وتمزق النسيج الإجتماعي ونزوح ولجؤ قطاع كبير من المواطنين علاوة على إنتشار الفقر والظواهر السالبة وإنتشار السلاح والجرائم والعنف المجتمعي.
بينما انحصرت الحلول التي لخصها البروفيسور فائز عمر جامع في التنمية الشاملة والمستدامة والمتوازنة ، بتوفير الخدمات الأساسية لكل شرائح المجتمع ، والإسراع في جمع السلاح المنتشر في أيدي المواطنين ، متزامنا مع إحتكار الدولة للقوة المادية وحماية المواطنين ، والإهتمام بالتدريب والتأهيل لكافة الشرائح ، مع ضرورة وحتمية إستخدام الفنون والعادات والتقاليد في تعزيز ثقافة السلام
وخلص هؤلاء العلماء مجتمعين الى أهمية إحقاق الحقوق للمواطن بحقوقه الاجتماعية والحق في السلام والبيئة السليمة والتنمية ,تكفلها جميع الديانات السماوية والمواثيق والتشريعات الدولية والاقليمية والوطنية ، وأتت توصيات هذا المحور لتعزيز هذه الحقوق وهي حق الإنسان في الحياة والأمن والسلام المستدام وحق الانسان في تلقي الخدمات (التعليم ،العلاج، الخدمات الاساسية ).وتضمين أهداف التنمية المستدامة في برامج الولايات المستهدفة مع حماية حق التعبير ومشاركة الفرد في السياسات العامة بالتشريعات والقوانين والآليات مع تمكين الشرائح الضعيفة وتمييزها إيجابيآّ في المجالات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية وفي المساواة أمام القانون.
والإعتراف بالتنوع الثقافي وتمكين المجموعات من التعبير وإبراز ثقافتها ، وسن التشريعات والقوانين التي تحفظ وتحمي التنوع ، بتوعية وتدريب وتأهيل القيادات علي إدارة التنوع ، ومحاربة العنصرية والقبلية والإعلاء من قيمة قبول الآخر ، بجانب الإستفادة من القيم الدينية لتعزيز التنوع وقبول الآخر ، ووضع منهج تعليمي عن التنوع يدرس في المراحل التعليمية ۔
خروج أخير
أعود الى جنة السودان ولاية وسط دارفور ، والطريق الى مدينة قارسيلا عاصمة محلية وادي صالح وعر جدا ، وتستغرق الرحلة ذات المائتي كيلو متر ذهاء الأربع ساعات بسيارات الدفع الرباعي في موسم الخريف ، ونحن كنا ضمن وفد مشروع تعزيز ثقافة السلام وقد عانينا من وعورته ، بين سيارة غارقة في الطين ، وواد ضخم مازالت تسيل فيه مياه أمطار الصباح الباكر ليوقف جميع السيارات عدا تلك المصممة لقهره ، ورغم ذلك يعبث بها كلعبة ( كبريت) في يد الوليد ، ودخلنا قارسيلا الجميلة بتلالها الكثيرة وجبالها أيضا وهي بحق (مهملة جدا) وتحتاج الى كل شئ خاصة الطريق المسفلت الذي يربطها بحاضرة الولاية زالنجي .
وفي رده على سؤالي عن حال مستشفى زالنجي والتخصصات الموجودة قال لي وزير الصحة موسى أحمد خاطر في حكومة الوالي الاسبق الشرتاي جعفر عبد الحكم ، وهو من حركة وزير الصحة الإتحادي الاسبق بحر إدريس ابوقرده ، قال أن الولاية هي السبب في هروب كبار الإختصاصيين الذين يأتون الى ولاية وسط دارفور ، بسبب عدم دفعها لحوافزهم المستحقة بجانب عجزها عن توفير سكن منفصل لهم بجانب وسيلة حركة خاصة لذلك ، فيجدون المناخ طاردا فيغادرون على الفور ، وزاد بأنه ترك منزله الحكومي المجهز ليكون ميزا للأطباء وقام بإستإجار منزل في المدينة تضحية منه لتنعم الولاية بالعلاج ، مضيفا أنهم يحولون الحالات الطارئة والحرجة الى مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور بالإسعاف عبر الطريق المسفلت الذي يربط بينهما .
فيما قال لي زميله وزير الشباب والرياضة- السابق – أبوالقاسم محمد صالح أن فريق زالنجي هو الفريق الأول بالولاية وسبق وأن نافس في دورة غرب دارفور وهو يعمل لكي يكون ضمن فرق الممتاز العام القادم ، وأقر الوزير بعدم فاعلية مركز الشباب الوحيد في زالنجي بسبب المال وتأسف لعدم وجود مراكز شباب بمحليات الولاية الأخري وضياع المواهب عبر التجريب الفردي المبهم والذي لايوصل الى شئ ، وأبان أنه قد حسم مؤخرا منصب مفوض إتحاد الكرة بالولاية مجبرا الوالي انداك الشرتاي جعفر عبد الحكم بإقالة الشخص الذي فوضه من قبل ، وتم تعيين مفوض جديد من قبل وزير الشباب والرياضة تنفيذا للقانون وقد تسلم عمله وسينهض بكرة القدم بالولاية لخبرته في هذا المجال .
وزراء وسط دارفور في العام 2017م كانوا شباب واع عركتهم الجبال القاسية إبان التمرد وأدركوا بحسهم الوطني ضرورة التعايش السلمي وبناء الأوطان بسواعد بنيها ، فدخلوا في مكاتبهم ولديهم ألف دافع لينهضوا بالولاية الجميلة بل هي ساحرة السياحة السودانية ،
ولكن جاء صبيان الدعم السريع فضاعت جهود مقدرة وعادت الولاية الوليدة الى بطن امها كأنها لم تولد ابدا .
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب وزراء الشرتاي و( الريد في الكلام بنشم ) !!
