قبيل قدوم شهر رمضان المعظم الذي تبقى له 37 يوما مازلنا في سوداننا المكتوي بنيران الحرب المفروضة علينا نعاني من شظف العيش وتوالي الأزمات الإقتصادية والصحية والخدمية دون ان نكل او نمل ، ممسكين بجمر قضيتنا الكبرى وهي تحرير كل شبر من بلادنا من دنس التمرد الذي شوه كل ما كان جميلا فيها حتى نفوس سكانها الأبرياء۔
سيأتي رمضان الكريم ، ويتحلق الأطفال داخل الحي الصغير أو القرية ورمضان قد مضى ثلثاه ويبدأون في الصياح كبيرهم وصغيرهم دون أن يزجرهم أحد من الكبار وفي صوت واحد وبصورة رتيبة ومكررة تدخل في آذان الكبار حلوة يقابلونها بالبسمات والنظرات الدائمة الساذجة إليهم «يا سعيد هز بعيد الليلة الوقفة وبكرة العيد»،
وتمضي السنوات وتمر السبعينيات والثمانينيات حتى مطلع الألفية الثالثة ثم أربعة وعشرين عاماً بعدها.. لا كالكواكب التي رآها سيدنا يوسف في حلمه الأحد عشر وهو يقص رؤياه لوالده نبي الله يعقوب بل هي سنوات فاق «دلها» حدة سنوات العزيز السبع التي جعل قمحها بمشورة يوسف باقياً في سنابله.
ولكن جل أفراد الشعب السوداني ونحن نستشرف نستبق اليوم السابع والثلاثين قبل رمضان الأغر لا قمح لهم في الأساس ليجعلونه باقياً في سنابله.
وتبقت 67 يوما للعيد (السعيد) حسب موروثة الأطفال التي تقافز بها جدي الأول في هذه الأرض التي هي لنا بحسب قصيدة الشاعر الأعظم أحمد محمد صالح التي أصبحت سلاماً جمهورياً للسودان الشمالي فقط بعد أن فقد العديد من نعوته «بلد المليون ميل مربع»، «السودان الواحد الموحد»، «من حلفا إلى نمولي»، و«أنا وأخوي ملوال».. فقد مضى ملوال إلى غير رجعة والآن يناصبنا العداء ويدون بيوتنا بالراجمات بعد ان اصبح مرتزقا للجنجويد .
غير أن الأسعار بحوانيت السوق ودكاكينه الكبيرة و(فراشته) لا تبشر بأن عيداً سعيداً سيمر على ملايين أطفال السودان هذا العام بعد أن صام الناس وأفطروا على (بصلة) حقيقة لأن البصل كان أرخص ما في سوق الخردوات ولكنه إستأسد في عامنا هذا .
فإن الذي لديه سبعة من الأبناء عليه أن يطيل السجود والركوع والدعاء عسى الله أن يسعفه بليلة القدر في أيام (23-27-29) من رمضان فتفك ضائقته ويجد ما يبتاع لهم به أحذية وبناطلين وقمصان وللحلوات فساتين وشباطة وأربطة شعر و(كريم فرد) وللزوجات اللائي تفوقن على الأسعار بابتكار أكلات ما أنزل الله بها من سلطان وقسمن حتى ربع الكليو إلى قسمين، يبتاع لهن ثوب بوليستر وجلابية وشحاط إذا لا سبيل لـ(للنالة) التي سرقها آل دقلو ودمروا جوهرتها مدينة بحري الحبيبة وحملوا ثيابها وغيرها من المحلات ذات الأبواب الستة لإسترضاء فاتنتهم أم قرون التي خلعت ( لباسها ) امامهم واقسمت انها لن ترديه مالم يحتل الدعم السريع الفاشر خلال اسبوع ولعلها ستظل عارية الى ان يرث الله الارض وما عليها .
أحد أصدقائي قال لي نحن الشعب لنا أجر عظيم قبل كل شعوب الأرض فسألته لماذا؟ فقال لي إن بني إسرائيل زعزعهم ربهم و(طشوا) في الأرض أربعين سنة لأنهم رفضوا الانصياع لنبيه وما زالوا (طاشين)، أما نحن فنصلي ونصوم ونعبد الله ولم يترك لنا الفقر شيئاً، نتزكى به وبقينا في الفقر نيفاً وثلاثين سنة والله قال في كتابه (وما ربك بظلام للعبيد) فبعد هذا الحصار الذي سجنت فيه الإنقاذ نفسها فسجنا معها دون ذنب؟ ودولة آل قحت ومن ثم ثورة البرهان وحربنا مع الجنجويد مازلنا ننتظر أجراً عظيماً من الله عز وجل .
قلت له إن ما يهم في الأمر لك أربعة صبية وفتاتان ولم أرك طوال أيام رمضان تقوم بدهان حائط واحد وأنت «نقاش درجة أولى» فماذا تفعل في ملابس العيد والأطفال لا يعذرون أحداً؟
فقال : سأتهجد عشر ليالٍ سوياً وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن والحمد لله رب العالمين.
وما زلت أسأل: ماذا فعل (سعيد) الذي ظل اطفالنا يهتفون ضده منذ الأزل ب( يا سعيد هز بعيد الليلة الوقفة وبكرة العيد ) فمن هو سعيد أصلاً؟!
خروج اخير
على الرئيس سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان ان يتذكر دائما قبل ان يوقع على اي قرار ضدنا بأنه ( مافي جنوب بدون شمال ومافي شمال بدون جنوب وكلنا اخوان ) فبيننا صلات قربى ومصاهرات ومصالح مشتركة والتحية للفنان ابراهيم دينق ولسعادة اللواء ابوالسرة كولانق ۔
سفر القوافي ،،،، محمد عبداالله يعقوب : هدوم العيد وسروال ام قرون المسلول !!
