37.5 C
Khartoum
الخميس, سبتمبر 18, 2025

قائد بطعم الانتصار.. البرهان يحرر السودان من استعمار القرن الواحد والعشرين بقلم: خالد المصطفى إعلام لواء الردع

إقرأ ايضا

– بعد ستة عقود من الاستقلال، يواجه السودان اختباراً وجودياً أمام نمط استعمار جديد يتخفى خلف مليشيات مسلحة وتمويل إقليمي مريب. يقود الفريق أول عبد الفتاح البرهان معركة تحرير شاملة تعيد تعريف مفهوم السيادة في القرن الحادي والعشرين، حيث تحولت شوارع الخرطوم من ساحات قتال إلى مختبرات لتكتيكات عسكرية مبتكرة.

– “نظرية الإبرة: جراحة عسكرية تنقذ المدن”
في مواجهة تعقيدات حرب المدن، طور الجيش السوداني استراتيجيات تعتمد على الدقة المتناهية بدلاً من القوة العمياء. عمليات استخباراتية مكثفة ترصد تحركات العناصر المسلحة بين الأحياء السكنية، بينما تنفذ ضربات جراحية تستهدف مخازن الأسلحة بأقل أضرار جانبية. وفقاً لمراقبي الأمم المتحدة، نجحت هذه الأساليب في تطهير 17 حياً سكنياً في العاصمة خلال الربع الأول من عام 2024، مع خفض الضحايا المدنيين بنسبة 62% مقارنة بالعام السابق. أصبحت المعركة أكثر ذكاءً من أن تكون صداماً مباشراً، وأكثر احترافاً من أن تترك آثاراً عشوائية في أرواح المدنيين. في كل خطوة من هذا النهج العسكري، يظهر حرص واضح على ألا تتحول المدن إلى أنقاض، وألا تكون العمليات الأمنية سبباً في خسارة قلوب الناس.

– “الجيش السوداني: إرث يتجدد في أتون المعركة”
تستند القوات المسلحة في معركتها إلى ثلاث ركائز: تراث عسكري يمتد منذ تأسيس الجيش النظامي عام 1956، وعملية تحديث شاملة للعتاد نفذت بالشراكة مع دول صديقة، وتفاعل شعبي غير مسبوق تجسد في انضمام 45,000 متطوع لصفوف المقاومة الشعبية. في المقابل، تحولت قوات الدعم السريع من تشكيل أمني محلي إلى هيكل عسكري معقد يديره 120 خبيراً أجنبياً وفق تقارير مجموعة الخبراء التابعة لمجلس الأمن. الجيش لا يخوض هذه الحرب وحده، بل هو نتاج عقود من التكوين والولاء والانضباط، والمقاتل السوداني اليوم يحارب وهو يحمل على كتفه تاريخاً، وفي قلبه عقيدة، وفي عينيه وطن لا يُباع.

– “شبكة العنكبوت: الخيوط الخفية للتمويل الإقليمي”
تكشف وثائق أممية (S/2024/312) عن تداخل غير مسبوق بين الأزمات الإقليمية. تحليلات أنماط العمليات تظهر تطابقاً بنسبة 78% بين استهداف البنى التحتية في السودان واليمن، بينما تتبع مسارات تهريب الذهب نفس الطرق المستخدمة في الصومال. الشبكة المعقدة تشمل 9 دول و37 شركة وهمية، مما يفسر تحول الصراع إلى أزمة إقليمية طالت 5 دول جوار. ليس الأمر مجرد تمرد محلي، بل هو مشروع خارجي متعدد الأذرع، يستهدف السودان لسبب واحد: موقعه وثرواته واستقلال قراره. من يعبث بأمن السودان اليوم، إنما يخطط لإعادة توزيع النفوذ في القارة بأدوات المليشيات والسماسرة، بينما تقف الدولة الوطنية – بقيادة الجيش – كجدار الصد الأخير في وجه مشروع التقسيم الناعم.

– “ميثاق الدم: عندما يتحول الشعب إلى جيش”
شهدت الأزمة تفاعلاً مجتمعياً فريداً: 320 مبادرة إغاثية أهلية، 115 غرفة عمليات مشتركة بين السكان والجيش، وتشكيل 45 لجنة أمن محلي. في حي الرياض بالخرطوم، تحول مسجد الشيخ عبد الباقي إلى مركز إيواء لنازحين ومستودع أدوية، بينما حولت مدرسة النهضة الثانوية إلى مستشفى ميداني يديره أطباء متطوعون. هذا النسيج المجتمعي وفر درعاً أخلاقياً للعمليات العسكرية، خاصة بعد صدور 14 مذكرة قبض دولية ضد قادة المليشيات. المواطن لم يعد متفرجاً، بل بات جزءاً من معادلة النصر. النساء يصنعن الطعام للمقاتلين، والشباب يديرون نقاط التفتيش، وكبار السن يقدمون المعلومة، بينما يتشكل ما يشبه جيشاً شعبياً منضبطاً ومتعاوناً في أحلك الظروف.

– “قيادة الميدان: إدارة الأزمة بين الرصاص والحوار”
اتسم أداء القيادة العسكرية بمنهجية مؤسسية متوازنة: زيارات ميدانية أسبوعية لخطوط التماس، إنشاء مجلس تنسيقي يضم 30 خبيراً مدنياً، وإطلاق 12 مبادرة مصالحة قبلية. في دارفور، نجحت آلية الحوار العشائري في إعادة استقرار 40 قرية دون مواجهات مسلحة، بينما أوقفت غرف العمليات المشتركة 17 عملية تجنيد للمليشيات داخل التجمعات النازحة. البرهان يقود معركة معقدة تتجاوز ساحة الحرب إلى مربع السياسة والمجتمع. حيثما وجد نزاع قبلي أرسل مبعوثين، وحيثما وُجد فراغ في الخدمات تدخل الجيش لإعادة دورة الحياة. هذه الإدارة المتكاملة للأزمة تجعل من القائد رمزاً لا للاشتباك فقط، بل للحكمة والحنكة والتوازن في أصعب الظروف.

– “مؤشرات التعافي: إعادة بناء ما دمرته الحرب”
تظهر البيانات الرسمية تحولات ملموسة: إعادة فتح 1,200 كم من الطرق الاستراتيجية، واستعادة الخدمات الأساسية في 65% من أحياء العاصمة، ونتمنى وعودة الطلاب الى مقاعد الدراسة، وتشغيل 69% من طاقة الموانئ البحرية. في الوقت نفسه، تواصل فرق الإعمار إصلاح 22 مستشفى و150 مدرسة وتوصيلات الكهرباء ، بينما أعلن البنك المركزي استئناف العمل في 85% من فروعه. هذه الأرقام لا تعكس فقط جهد الحكومة، بل تعكس أيضاً إصرار المجتمع على العودة إلى الحياة. مشهد أطفال يذهبون إلى المدرسة ، وصوت الأذان يعود للمساجد في المناطق المحررة، كلها تفاصيل صغيرة تُعبّر عن ولادة جديدة لوطن كاد أن يُجهز عليه.

– “التحديات القائمة: طريق طويل نحو الاستقرار”
رغم الإنجازات، تواجه عملية التعافي عقبات جسيمة، أبرزها وجود 3.2 مليون نازح في مناطق خطرة، وتدفق أسلحة غير مشروعة عبر ثلاث حدود شرقية،. وفق تقديرات البنك الدولي، يحتاج السودان لاستثمارات تصل إلى 12 مليار دولار لإعادة الإعمار الشامل خلال السنوات الخمس المقبلة. دون شك، ما زالت الطريق طويلة ووعرة، وما زالت قوى الشر تبحث عن ثغرات. ولكن الفارق أن السودان اليوم يعرف عدوه، ويمتلك جيشاً متماسكاً، وشعباً صلباً، وقيادة تعرف متى تضرب ومتى تصبر ومتى تتقدم بخطى محسوبة نحو الأفق.

– “المسارات المستقبلية: من المعارك إلى صناديق الاقتراع”
تتجه الدولة حالياً لتنفيذ خارطة طريق ثلاثية الأبعاد تشمل تعزيز الوجود الأمني في 7 ولايات، وإطلاق المرحلة الثانية من مشاريع الإعمار للفترة 2024–2026، إلى جانب التحضير للمؤتمر الدستوري عبر حوار وطني شامل. وساطات جامعة الدول العربية والإيقاد تسهل 4 جولات مفاوضات، بينما تدرس الأمم المتحدة نشر بعثة دعم سياسي بدلاً من بعثة مراقبة فقط. تتقدم الدولة بخطى جادة نحو الانتقال من بندقية التحرير إلى مؤسسات الحكم، ومن طوارئ الحرب إلى شرعية الدستور، ومن صوت الرصاص إلى صوت المواطن.

– خاتمة: تحرير يتجاوز الجغرافيا”
ما يحدث في السودان ليس مجرد معركة عسكرية تقليدية، بل عملية إعادة تأسيس لدولة حديثة ذات سيادة ومؤسسات ووعي سياسي جديد. نجاح القوات المسلحة في تحرير 65% من الأراضي المحتلة يمثل مرحلة أولى فقط، بينما تكمن المرحلة الأصعب في بناء مؤسسات تحقق العدالة الانتقالية عبر محاكمة مرتكبي جرائم الحرب، وإنشاء نظام سياسي شامل يمثل كل المكونات، وتأسيس آليات اقتصادية تمنع عودة شروط الاستعمار الجديد من خلال بوابة الاقتصاد. المؤشرات الحالية، رغم التحديات الجسيمة، توحي بإمكانية تحول السودان إلى نموذج إقليمي في إدارة الأزمات المعقدة، خاصة مع ارتفاع مؤشر الثقة في المؤسسات الوطنية إلى 68% وفق آخر استطلاعات الرأي. هذه ليست فقط حرب وجود، بل بداية نهضة أمة أرادت الحياة، فصنعت من دم الشهداء جسراً للعبور نحو الغد.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة