29.5 C
Khartoum
الخميس, سبتمبر 18, 2025

العدالة الاجتماعية: ركيزة التقدم والاستقرار في السودان قلم وطني بقلم: خالد المصطفى إعلام لواء الردع

إقرأ ايضا

. في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها السودان في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه، تبرز قضية العدالة الاجتماعية كأحد أهم الركائز التي يمكن أن تقوم عليها نهضة حقيقية شاملة. العدالة ليست شعاراً يُرفع في الخطب السياسية أو مجرد مادة في الدساتير، بل هي ممارسة يومية، وسياسة مستدامة، ومؤسسات تضمن التوزيع العادل للموارد والفرص، وتصون كرامة الإنسان في كل مكان وزمان. السودان يمتلك ثروات ضخمة من بترول وذهب ويورنيوم وثروة زراعية وحيوانبة ومعدنية … الخ وانسانية والثروة الانسانية في السودان تمتلك ثروة ثقافية عظيمة ، بكل ما يحمله الانسان السوداني من تنوع ثقافي وقبلي وموارد طبيعية وبشرية، يقف اليوم أمام اختبار حقيقي: هل يستطيع السيد رئيس الوزراء د.كامل الطيب ادريس تحويل شعارات العدالة الاجتماعية إلى واقع ملموس يُحس به المواطن البسيط في كل أطراف السودان كما في قلب الخرطوم؟ هذا المقال يقدم رؤية متكاملة حول سبل تحقيق التوازن المجتمعي المنشود من خلال منظور عملي وواقعي، يستند إلى خصوصيات الواقع السوداني، مع التركيز على الحلول القابلة للتطبيق، لا تلك المثالية التي لا تتجاوز حدود الورق.

. أسس التعايش المجتمعي السليم:-
.إن المجتمع السوداني بما يحمله من فسيفساء قبلية وثقافية، يحتاج إلى منظومة قيمية ترتكز على المساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص فعلى السيد دكتور كامل الطيب ادريس ان ينظر لهذا الشعب في رقبته في العدالة الاجتماعية بهذا المنظور . والتجارب العالمية تشير إلى أن الدول التي استطاعت تحقيق مستوى عالٍ من العدالة الاجتماعية نجحت في تجاوز الأزمات السياسية والاقتصادية بسرعة، كما حدث في بلدان مثل النرويج وكندا. العدالة هنا لا تعني فقط توزيع الموارد، بل تعني منح الإنسان قيمة حقيقية باعتباره فاعلاً في مجتمعه، له الحق في التعليم الجيد، والخدمات الصحية، والعيش الكريم. تبدأ هذه العدالة من المنزل، من الطريقة التي يربّي بها الآباء أبناءهم، من توزيع الفرص بين الأولاد والبنات، من غرس مفاهيم احترام الآخر، والعمل الجماعي، والشفافية، والتسامح.

.تعزيز الفرص الاقتصادية:-
الى السيد رئبس الوزراء دكتور كامل الطيب ادريس واقع سوق العمل في السودان يعاني من اختلالات بنيوية، تتجلى في تغوّل المحسوبية والواسطة على فرص التوظيف، ما يخلق إحباطاً عميقاً لدى فئات واسعة من الشباب المؤهل. العدالة الاجتماعية في هذا السياق تقتضي أن تكون الكفاءة هي المعيار، لا الولاءات أو الانتماءات السياسية أو القبلية. الدولة مطالبة باعادة سياقة الخدمة المدنية ، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في التوظيف والترقي. لا بد من تفعيل مؤسسات الرقابة على الوظائف العامة، ومنح دور أكبر للمجالس المهنية المستقلة في تحديد المسارات المهنية. في المقابل، يمكن للقطاع الخاص أن يكون رافعة حقيقية للتنمية وذلك بما يرتقي بتحسين العلاقة بينه وبين الدولة، على أساس من الشفافية وتكافؤ الفرص، لا الامتيازات المحصورة في دوائر ضيقة.

.تحسين الخدمات الأساسية:-
لا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية في ظل تفاوت صارخ في تقديم الخدمات الأساسية. في الوقت الذي تتمتع فيه بعض الأحياء الراقية بالخرطوم بخدمات مياه وكهرباء وصحة وتعليم عالية المستوى، تقبع قرى بأكملها في اطراف السودان في حرمان تام. المطلوب ليس فقط زيادة الميزانيات المخصصة للولايات المهمشة، بل إعادة تصميم طريقة توزيع الموارد وابتكار طرق لتسحين المناطق الطرفية، بحيث تعتمد على معايير علمية من الإنصاف. التعليم المجاني الجيد، والرعاية الصحية الأساسية، والسكن الكريم، كلها حقوق وليست منّة. العدالة الاجتماعية تفرض أن تُمنح الأولوية في الاستثمار للخدمات، لا لمشاريع الواجهة التي لا يستفيد منها المواطن العادي.

.دور المؤسسات في تعزيز الثقة:-
السيد د. كامل ادريس يجب ان نبني الثقة بين المواطن والدولة لا تُشترى ولا تُفرض، بل تُبنى عبر ممارسات شفافة وعادلة. من هنا تبرز أهمية استقلال القضاء، وفعالية الهيئات الرقابية، و دور الصحافة في خارج روية للحل لا لنقد السلبي الذي يخلق فارق بين الفئتين وفي كشف مواطن الخلل والفساد بالنقد الايجابي . فيمكن خلق ثقة ببن المواطن والدولة وذلك يكون بمحاسبة كل من يمد يده على المال العام ، فيجب ان تملك الشفافية في مصروفاتها. العدالة المؤسسية تعني كذلك إصلاح الاقتصادي والسباسي ، وضمان أن تكون مؤسسات الدولة في خدمة المواطن، لا العكس. هنالك حاجة إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع من علاقة تبادلية مبنية على الشفافية إلى علاقة تشاركية قائمة على الاحترام والمساءلة.

.تمكين المرأة والشباب:-
نصف المجتمع هو المرأة، وأكثر من نصفه شباب دون الثلاثين. ومع ذلك، يظل حضور هاتين الفئتين في مواقع القرار ضعيفاً. العدالة الاجتماعية تقتضي أن تُمنح المرأة حقها الكامل في العمل، والتعليم، والمشاركة السياسية وهذا كفله الدين الحنيف، دون وصاية أو تمييز. تغيير عقلية المرأة السودانية لبناء نهضة السودان فهي التي تربي الاجيال ولا ينهض السودان الى بتغيير عقلية المراة السودانية وذلك يبدأ من القوانين، لكنه لا يكتمل إلا بتغيير العقليات. أما الشباب، فهم الطاقة الكبرى التي يمكن أن تُطلق نهضة السودان، إذا ما أُحسن استثمارهم عبر التعليم الحديث، وفرص العمل المجزي، ومنصات المشاركة الفاعلة في الشأن العام. تجارب دول مثل ماليزيا وسنغافورة أثبتت أن الاستثمار في الشباب هو أقصر طريق للنهوض الاقتصادي والاجتماعي.

. التعليم بوابة المستقبل:-
من دون تعليم عصري، لا يمكن تحقيق عدالة اجتماعية مستدامة. التعليم هو الحاضنة الكبرى لمفاهيم المساواة، وهو الجسر الحقيقي بين الفقر والكرامة. الفجوة التعليمية في السودان تتعمق عاماً بعد عام، والحرب والخراب الذي طال البلاد من الدعم السريع المتمرد خلف سبجعلضعف التمويل ولكن فتح فرص للاستثمار في التعليم ، وهذه الخرب والخراب خلف هجرة المعلمين، وتهالك البنية التحتية، وغياب المناهج المواكبة. المطلوب إصلاح شامل يبدأ من الروضة ولا ينتهي بالجامعة. تطوير المناهج بما يعكس قيم الوطن، ويغرس مفاهيم العدالة والحق، ويشجع على التفكير النقدي. العدالة التعليمية لا تعني فقط مجانية التعليم، بل جودة التعليم، وتوزيع عادل للمدارس والمعلمين والوسائل التعليمية بين المدن والريف.

الصحة للجميع..
في السودان، ما زال الوصول إلى الخدمة الصحية الأساسية يمثل تحدياً يومياً للملايين. العدالة الاجتماعية الصحية تقتضي توزيعاً عادلاً للمستشفيات والمراكز الصحية والوحدات العلاجية وتوزيع العادل للاطباء دون تميز، وبعد النزوح الاخير اتضح يمكن لا طبيب العمل في بيئة في الاطراف وايضا يجب وتوزيع و وتوفير الأدوية المنقذة للحياة لكل بقاع السودان، و يجب تدريب الكوادر الطبية في كل ولاية ومحلية. من الممكن تفادي كثير من الوفيات يمكن تجنبها لو توفرت المرافق والخدمات الصحية الأساسية. لا بد من إعادة تحسين بيئة النظام الصحي وتوزيع المرافق الصحية في كل اطراف السودان بالتساوي وايضا تفعيل التأمين الصحي الشامل لكل اطراف السودان، وضمان ألا يُترك أي سوداني بدون رعاية صحية بسبب فقره أو موقعه الجغرافي.

.البنية التحتية والتنمية المتوازنة:-
مشاريع التنمية يجب أن تُصمم وفق معايير العدالة الجغرافية. التكدس السكاني في الخرطوم وما حولها هو نتيجة لخلل كبير في توزيع المشاريع والاستثمارات والبنى التحتية. إن توزيع الاستثمارات في الطرق، والمياه، والكهرباء، والمواصلات، يجب أن يُراعى فيه حجم الحاجة، لا فقط حجم النفوذ السياسي وتركيزه على ولاية يحب ان ناخذ الحيطة والحذر من التجربة السابقة الحرب رفعت الوعي في التفكير الجاد توزيع استثمارات البنية التحتية على كل مدن السودان واطرافه . ويجب إن لا تكون التنمية الريف ترفاً، بل هي استراتيجية لتخفيف ضغط عن المدن، وتقوية الوحدة الوطنية، وتوسيع رقعة الإنتاج. مشروع قومي واحد في ولاية مهمشة قد يغيّر حياة مئات الآلاف من الناس.

الخاتمة..
إن العدالة الاجتماعية ليست ترفاً فكرياً ولا مجرد شعار، بل هي ضرورة لبناء وطن متماسك ومستقر. لا يمكن لأي دولة أن تنهض إذا كانت فئات واسعة من شعبها تشعر بعدم النظر اليها و إنصافها في الموارد. السودان يملك الإمكانيات والموارد والطاقات التي تؤهله ليكون نموذجاً في التنمية العادلة. ما ينقصنا ليس الأفكار ولا الرؤى، بل الإرادة السياسية، والالتزام الأخلاقي، والخطط العملية التي تضع الإنسان أولاً. العدالة لا تتحقق بالخطابات، بل بالميزانيات، والقوانين، والمشاريع، والسياسات التي تصب في مصلحة المواطن العادي.

إن الله يأمر بالعدل، وعدل الله لا يُنزل من السماء، بل يُبنى على الأرض بأيدينا وعقولنا. فلنبدأ من الآن، كلٌّ من موقعه، في بناء سودان جديد يقوم على الإنصاف والكرامة والفرص المتساوية، لأن ذلك هو الطريق الوحيد نحو مستقبل نفاخر به الأمم، ونورّثه لأبنائنا وأحفادنا بكرامة.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة