.في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها السودان منذ اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023، والذي أسفر عن نزوح أكثر من 10 ملايين شخص داخلياً، تواصل مبادرات محلية إنسانية مساعيها لإعادة الأمل للمتضررين. من بين هذه المبادرات يبرز مشروع العودة الطوعية إلى ولاية الخرطوم، والذي أصبح اليوم في مرحلة دفعاته الثانية، بتنسيق ز ميداني عند عملية التفويح من لجنة إسناد نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف. اللجنة، بمشاركة حكومة الولاية وقيادات المقاومة الشعبية، تسعى إلى توفير عودة آمنة وكريمة للنازحين، وترسيخ نموذج تعاون إنساني فعّال على المستوى المحلي.
.شكر وتقدير لجهود القيادة:
لا يسعنا إلا أن نوجّه أعمق عبارات الامتنان لسعادة والي ولاية القضارف الفريق ركن/ محمد أحمد حسن أحمد، ولرئيس الاستنفار والمقاومة الشعبية المسلحة السيد اللواء ركن / م طارق احمد عكام ، ولأعضاء لجنة اسناد نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف التي جسدت العمل المؤسسي بروح وطنية عالية. لقد أثبتت أن الرؤية الواضحة والإرادة الصادقة قادرتان على تحويل أزمة النزوح إلى تجربة إنسانية راقية تعيد للنازحين كرامتهم.
.انطلاق دفعات العودة الطوعية الثانية:-
شهد معسكر أبو النجا بولاية القضارف تفويج الدفعة الثانية من بصات العودة الطوعية للنازحين إلى الخرطوم، حيث أشرفت لجنة إسناد نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف على جميع تفاصيل العملية. من تسجيل الراغبين بالعودة، إلى تجهيز 9 بصات مجهزة لضمان سفر آمن ومنظم، عملت اللجنة على تسجيل تظيم رحلات العودة جنب الى جنب مع الرعاية الاجتماعية . تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن أكثر من 30 مليون شخص في السودان يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، ما يعكس حجم الجهد المبذول لضمان نجاح هذه المبادرات.
.قيادة تمهد الطريق:
منذ أول الاجتماعات التي دعت إليها اللجنة، ظهر التزام قوي بخلق بيئة عمل مهنية. فقد تولت اللجنة العليا ، بقيادة سعادة الوالي ورئيس لجنة الاستنفار المقاومة الشعبية المسلحة، وضع خطة تفصيلية تشمل مسارات البصات، توزيع المهام على الفرق الميدانية، وضمان التنسيق مع الجهات المعنية في المستقبل للعودة الطوعية لولاية الخرطوم.
.عزيمة تنفيذية لا تعرف المستحيل:-
الأستاذ عبد العظيم الجاموس، أمين أمانة الحكومة، كان حجر الأساس في عملية التفويج، جنباً إلى جنب مع الدكتور / حمد الجزولي، مستشار الوالي لشؤون الوافدين. وايضا لجنة الإسناد نازحي ولاية الخرطوم شاركت بفعالية في تقسيم الأدوار بين مشرفي البصات والمتطوعين، ما جعل التنظيم سلساً ودقيقاً.
.أيادٍ بيضاء تكتب قصة نجاح:-
منذ بداية الاجتماعات الأولى، قادت اللجنة التنسيقية عملية إعداد قوائم العودة بالتعاون مع الرعاية الاجتماعية والبلدية.
. نخص بالشكر العقيد ركن/ حامد آدم بليل، قائد الاستنفار الميداني ورئيس لجنة نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف، الذي ساهم مع فريقه في الإشراف على تنفيذ كل الإجراءات اللوجستية، وضمان جاهزية البصات في الوقت المحدد.
.شركاء النجاح في العطاء:-
تعاونت لجنة إسناد نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف مع المنظمات الإنسانية، ومنها منظمة الإغاثة الإسلامية واتحاد اصحاب محطات الوقود، بالإضافة إلى عدد من المتطوعين المحليين الذين ساهموا في إنجاح المرحلة الثانية من العملية. كان هدف الجميع أن تعود الأسر إلى منازلها بسلام ودون أي عراقيل.
.عودة تحمل معنى الإنسانية:-
الدفعة الثانية من العودة الطوعية لم تكن مجرد إجراء لوجستي، بل كانت خطوة لإعادة بناء حياة جديدة. اللجنة، بالتعاون مع الشركاء، ركزت على أن تكون العودة إنسانية شاملة، بدءاً من تجهيز البصات بالمؤن الأساسية ، وصولاً إلى استقبال العائدين بترتيبات تُشعرهم بالأمان والانتماء.
.البداية: اجتماعات اللجنة تصنع الفارق:
منذ الاتصال الأول بالنازحين الراغبين في العودة، بدأت لجنة الإسناد بعقد اجتماعات مكثفة لتحديد الأولويات ووضع جدول زمني يتماشى مع الظروف الأمنية. تلك الاجتماعات ، التي قادها ممثلو الرعاية الاجتماعية والمتطوعون، ساعدت في تجاوز الصعوبات الكبيرة.
إجتماعات ملهمة: ادت الى تقسيم المهام بدقة متناهية:
في تلك الاجتماعات، تم توزيع المهام بدقة بين مشرفي البصات والمتطوعين، بحيث تولت فرق الرعاية الاجتماعية متابعة البصات الأولى، بينما خصصت فرق إضافية لمتابعة البصات الطارئة. هذه المرونة والتنظيم انعكسا بشكل مباشر على كفاءة التنفيذ.
.خطة العمل: كل دقيقة تحسب:-
وضعت اللجنة خطة شاملة تتضمن قوائم جاهزة لأكثر من 11 بص ، مع تقسيم الركاب حسب مناطق العودة (الخرطوم، أم درمان، بحري). وحرصت اللجنة على أن تتضمن الخطة بص مخصص للحالات الصحية الحرجة بإشراف مباشر من الدكتورة / امل كرجوس منسقة اللجنة للعملية.
– التنفيذ: سباق مع الزمن:
مع شروق الفجر، أطلقت اللجنة المرحلة الثانية من العودة الطوعية، حيث جرى التنسيق بين المشرفين والأسر لضمان صعود كل شخص وفقاً لقائمته. وبفضل جهود اللجنة، تمكنت البصات من الانطلاق رغم ضيق الوقت وكثافة التحديات.
.يوم التنفيذ: الأمطار تضاعف التحديات:-
هطلت الأمطار بغزارة يوم التنفيذ، لكن بفضل التخطيط المرن من لجنة الإسناد، تم تأمين كل البصات وضمان وصولها إلى نقاط التجمع. هذا التحدي الطبيعي أكد مدى قدرة اللجنة على التصرف بحكمة في الظروف الطارئة.
.النجاح: عندما تتكاتف الجهود:-
بحلول السابعة صباحاً، كانت جميع البصات قد أقلّت النازحين في ترتيب دقيق. اللجنة أشرفت بشكل مباشر على ضبط الأعداد ولا ننسى شكرنا الى السيد العقيد شرطة مهندس/ عمر النجار ودوره الكبير في التسجيل حيث قام بتحديث قوائم التسجيل وادخل الداتا في برنامج الاكسيل حتى لا تتكرر عملية التسجيل وتفاده الاخطاء السابقة مما اتاح سرعة الاتصال والوصول الى الراغبين في العودة الى ديارهم وبعد ذلك وتم العملية بنجاح بداخل كل بص، وتوجيه الأسر إلى أماكنها. البص رقم 11، على سبيل المثال، حمل 55 شخصاً من مخيم وائل رغم سعته المحدودة، وهو ما يعكس التعاون والتفاني.
.الخاتمة:-
.من دمار الحرب إلى بذور السلام:-
لم تكن رحلة الـ 9 بصات مجرد نقل للأجساد، بل إعادة لكرامة إنسان وزرع لأمل جديد. هذه المبادرة تثبت أن الإرادة الصادقة والعمل المؤسسي المنظم يمكنهما صنع المستحيل، حتى في أحلك الظروف. ولا يفوتنا هنا أن نرفع أصدق آيات الشكر والتقدير لاتحاد أصحاب محطات الوقود على تبرعهم السخي الذي شمل توفير 9 بصات كاملة مع الوقود اللازم لتفويج الأمس، ودعمهم المتواصل إن شاء الله للرحلات القادمة.كما نتوجَّه بالعرفان إلى مقرر اللجنة الذي لم يكل ولم يمل فتحديد الاجتماعات وكتابة التقارير وطباعة الاوراق دكتور / صلاح بالمقاومة الشعبية وللسيد ادروب واسطافه في تسحيل كل النازحين الراغبين والشكراجزله لكل أعضاء لجنة إسناد نازحي ولاية الخرطوم بولاية القضارف، على جهودهم التي نبتت منذ 4 أشهر – منذ لحظة تشكيل اللجنة وموافقة سعادة الوالي – فسجلوا الراغبين في العودة، ونسّقوا بلا كلل مع المنظمات والجهات المعنية، حتى أنجزوا بتنظيم دقيق تفويج أولى البصات من معسكر أبو النجا، جنبًا إلى جنب مع كوادر الرعاية الاجتماعية، في نموذجٍ يُحتَذى لنكران الذات. هذه الأيادي البيضاء تمثل نسيجاً حياً من التعاون المجتمعي الذي تُحاك به حلول الأزمات. كما تذكرنا، وفقاً لتقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية، أن حلول النزوح المستدامة تبدأ من تمكين المجتمعات المحلية وقياداتها. العودة إلى الخرطوم ليست نهاية المطاف، بل خطوة أولى على درب طويل لإعادة البناء، حيث يحمل كل عائد حجراً أساساً في إعمار وطنٍ يستحق الحياة.