من المعلوم بالضرورة أن طبيعة عمل الشرطة يتمثل في تحقيق الأمن والسكينة العامة والاستقرار ومنع الجريمة قبل وقوعها وضبطها إن وقعت، وهذه المهام تجعل رجل الشرطة أكثر احتكاكاً بالمواطنين، وحاجة المواطن للحصول على خدمات الشرطة وحماية أمنة وممتلكاته. بالإضافة إلى مهامه في تطبيق القوانين واللوائح والأنظمة، وهذه في الواقع تعتبر قيوداً على الحرية، وإن كانت تهدف في حقيقتها ومضمونها إلى حماية الحرية ذاتها، لكن الإنسان لا يدرك ذلك ويكره تقييد حريته ورجل الشرطة في أدائه لواجباته يثير سخط بعض المواطنين وهم الخارجون على القانون، وينقمون على رجل الشرطة، ولا يعطونه محبتهم بسهولة، وينظرون إلى رجل الشرطة بأنه قيد على حريتهم، ويناصبونه العداء وهذه النظرة أخطر ما يمكن على رجل الشرطة، إذ يفقد ثقة وتعاون المواطنين، لذلك لا نجد أي جهاز من أجهزة الدولة باتصال واحتكاك مع المواطنين مثل الشرطة وهذا ما يزيد من أهمية وجود العلاقات العامة، ويلقي عليها مسؤولية عظيمة في تحسين وتعزيز العلاقة بين الشرطة والمتعاملين معها، ونتساءل هنا: لماذا يكره بعض المواطنين رجل الشرطة….؟! في تقديري بسبب النزعة البشرية والرغبة لبعضهم في مخالفة القوانين والإجراءات وحب السيطرة والتسلط على الآخرين وإعراضهم وحب المصلحة الشخصية وتقديمها على المصلحة العامة وحب الظهور والتمايز والإغراق في المتعة وحب الحرية إلى حد الفوضى والانحلال كل هذه الرغبات والشهوات تجعل أصحابها يحسون بأن الشرطة تقف حائلاً دون تحقيقها، فيبدون عناداً حيال رجال الشرطة، لأنهم يكرهون الأمر والنهي ويحبون أن يفعلوا ما يريدون.
▪️لم تكن العلاقة بين الشرطة والمواطنين على هذا القدر من التلاحم والثقة كما نشهدها اليوم في معركة الكرامة، بعد ان قامت مليشيا آل دقلو الإرهابية بنهب ممتلكات المواطنين
وزعزعت أمنهم وإستقرارهم حيث
برهنت معركة الكرامة والتي تمضي نحو خواتيمها بفضل الله ثم القوات المسلحة وهي تسير من نصر إلي نصر أن الشعب أصبح أكثر وعياً بدوره، وإدراكاً لقيمة أمنه واستقراره.
▪️واللافت أن عودة الأمن والأمان للمناطق التي تم تحريرها من دنس المليشيا المتمردة وعودة الخدمات الشرطة الي مزاولة عملها ومن ثم إعادة أجزاء مقدرة من المنهوبات كل هذه الملامح الطيبة
جاءت على قدر التحدى، وإتسمت بالسرعة وقراراتها الحاسمة، ومن خلال عملياتها الناجحة في ضبط الأمن العام
دفعت الرأى العام إلى التعبير عن ارتياحه واطمئنانه، وشعر المواطن من خلال ذلك بالأمن والأمان بحسبان أن التلاحم بين الشرطة والمواطنين يمثل نقلة نوعية فى مفهوم الأمن، ولم يعد الأمر مقتصراً على جهاز رسمى يتحرك وحده، بل مسئولية جماعية يشترك فيها الشعب والدولة معاً،
من واقع التحول الكبير الذي جري من خلال معركة الكرامة والتي برهنت فعلياً ان المواطن أصبح ليس (طرفاً ضعيفاً) ويجلس فى مقاعد المتفرجين وينتظر الحماية، بل هو خط الدفاع الأول الذى يمد الشرطة بعيون إضافية ووعى يقظة لأن مثل هذا التعاون والثقة يعزز الثقة المتبادلة بين الناس ورجال الشرطة، وهو بلا أدنى شك اكثر شيء يرفع الروح المعنوية للمجتمع لكي يرى العدالة تتحقق بسرعة وبفضل مساهمته المباشرة، وهذا الشعور بلا شك يخلق دوائر إيجابية كلما زادت ثقة الناس فى أجهزتهم الأمنية زاد تعاونهم، وكلما زاد تعاونهم ازدادت قدرة الدولة على فرض الأمن وردع الجريمة.
▪️انهارت دعاية مليشيا آل دقلو الإرهابية ومن عاونها في حربها الجائرة على الشعب السوداني من خلال إشعال الفتنة بين مكونات الشعب المختلفة وأمام هذه الحقائق، فما قيمة الشائعات إذا كان المواطن يلمس بنفسه أن صوته مسموع وأن جهده مؤثر…؟؟؟ وما جدوى التحريض إذا كان المجتمع قد اكتشف أن أمنه لا يصان إلا بتكاتفه مع مؤسساته…؟؟؟
▪️ما حدث فى الفترة الأخيرة من عمل ملموس ومقدر للشرطة السودانية في ضبط الأمن العام ليس مجرد نجاح عابر فى ضبط بعض القضايا، بل هو تجربة رائدة ينبغى البناء عليها، وأن نرسخ هذه الثقافة: الأمن يبدأ من المواطن، والدولة لا يمكنها أن تحقق الاستقرار وحدها، بل تحتاج إلى عيون أبنائها وإحساسهم بالمسئولية بعد أن أصبح المواطن اليوم ظهيراً حقيقياً للدولة فى معركة مكافحة الجريمة، وأضحى التلاحم بين الشرطة والشعب هو السلاح الأقوى فى مواجهة محاولات الفوضى والتخريب، وما نعيشه الآن هو درس عملى فى أن الدولة القوية لا تبنى فقط بالمؤسسات، بل بالتحام هذه المؤسسات مع وعى الناس وحرصهم على حماية وطنهم من المتفرج إلى الفاعل أصبح المواطن شريكا فى تحقيق العدالة، فى تجربة رائدة لتعزيز الأمن المجتمعى.