محمد عبدالله يعقوب
الخطاطون المجانين !!
الشكر كل الشكر للكمبيوتر والهاتف الذكي ( لوحي وساكت) على ستره لعيوبنا ( الكتابية) فبهما أصبح كل مخلوق على ظهر البسيطة خطاطاً ، وبكل لغات العالم المعروفة ، ففي ثمانينات القرن الماضي وما قبلها كان صاحب الخط الجميل مميزاً بين أقرانه ويصفه الأميون والذين يفكون الخط ، أو قاموا بفكه وتوقفوا عند هذه المحطة ، يقولون ( فلان كتاب مجنون ) – بفتح الكاف وتشديد التاء وتسكين الباء – وبالتالي (يهرونه كتابة) ليصبح ثابت التناسب في سرادق الأفراح والمآتم ( حاضناً) الكشف ليمهر بخطه الجميل أسماء ومبالغ المساهمين في المناسبتين معاً ، كما أنه يكون مرموقاً لدى زوجات الجنود وصغار الموظفين الذين ينتدبون للعمل في مناطق الشدة أوالحرب الأهلية في الجنوب – 1955 وحتى 2005م – ، فإن اصحاب الخط الجميل في الحي رغم قلتهم يفوزن بتقدير الزوجات الفضليات ، حيث يقدمن لهم الزلابية و(المشبك بالعسل) وشاي اللبن (المقنن) و( موية الليمون) أو ( الشربات) نظير ( كتابتهم) بخطوطهم الجميلة لجميع خطاباتهن المرسلة الى أزواجهن في الفيافي والأطراف ، وعلى السادة الخطاطين قراءة الردود حال وصولها من ساعي البريد ، فقد كانت النساء يعشن في أمية ، والرجال يفكون الخط لكن يخونهم التعبير لأن معظم جيل الثلاثينات والأربعينات والخمسينات قد تخرج في الخلاوي التي لا تدرس مادة الإنشاء ( التعبير) ، وكل هذه الظروف مجتمعة جعلت من صاحب الخط الجميل محط أنظار أهل الحي ، ولكن .. قاتل الله التكنولوجيا فقد كذبت حتى إبن مقلة الخطاط وأضحى الكمبيوتر قادر على جعل كل من إستطاع أن ( يطبظ) في الكيبورد خطاطاً و(إتساوت الكتوف ) .
ولكن خبير الخطوط وأستاذ علم الجرافولوجي الدكتور فؤاد أسعد عطية يقول ( إن الطريقة التي يكتب بها الشخص إسمه وبياناته الشخصية تحدد المهارات التي يتمتع بها كما يمكن من خلال خطه الحكم على إنفعالاته والتنبؤ بما قد يصيبه من أمراض. وذكر الخبير ، أن أحدث الإكتشافات في هذا العلم أن “عدداً من المؤسسات الكبيرة تستعين بهذا العلم عند تعيين الموظفين فيها لأن ذلك يوفر على صاحب العمل فترة طويلة جداً من التحري عن المتقدم للوظيفة وتحديد ما إذا كان يصلح هذا الشخص للوظيفة أم لا “. وأكد أن “تعديل الخطوط يؤدي الى تغيير في السلوك كما أن هذه الوسيلة تساعد الأطفال على تنمية مواهبهم وتعلمهم التركيز والصبر والهدوء”. وقال إنه “من خلال خطك يمكن تحليل شخصيتك بدقة متناهية وكشف أسرارك وما تحاول أن تخفيه عن الناس وربما عن نفسك أيضاً” مضيفاً أننا “نعرف أن كان صاحب الخط بخيلاً أو كريماً أو عاطفياً أو جامد الإحساس رقيقاً أو عنيفاً محباً أو عدوانياً متفائلاً أومتشائماً بليداً أو طموحاً كما يعكس خلفيته الثقافية ومهاراته اليدوية ودرجة أناقته ومدى خضوعه للروتين أو تبرمه منه وغير ذلك”.
وأبان أن هذا العلم المسمى “الجرافولوجي” أو علم تحليل الشخصية عن طريق الخط تحكمه نظريات هندسية دقيقة وتكمن صعوبته في ترجمة هذه النظريات عملياً إذ يتطلب ذلك تدريباً مكثفاً ومهارة في الربط بين عدة عوامل مختلفة حتى يتم الوصول من خلالها الى أقرب صورة من حقيقة صاحب الخط وإنفعالاته . وأفاد أن الدوائر والزوايا الموجودة في الخط هي إحدى العلامات التي نركز عليها في التحليل فإذا كتب الشخص حرف الصاد أو الضاد في صورة مثلث فهذا يدل على أن ضغط الدم عال ويتسم بالعصبية الشديدة أما إذا كتب الصاد والضاد على صورة دائرة فهو شخص كتوم لايعبر عما بداخله بسهولة وهو غامض وغير صريح في التعبير عن المشاعر والأفكار .
خروج
إذاً ووفقاً لإفادات خبير الخطوط السابقة نقول طوبى للخطاطين رغم أنف الكمبيوتر وخطوطه المعلبة الجاهزة ، والتحية لأستاذنا الراحل عبد المنعم عبداللطيف أستاذ علم الخطوط بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وللدكتور عمر درمة عميد الكلية في وقت من الأوقات وللجهابزة المعاصرين والراحلين د. إبراهيم العوام ، د.إبراهيم الصلحي ، محمد الأمين ، د. أحمد عبدالعال ، بشير كندة ، العميد ناجي عبد النبي مرسال ، إدمون منير ، وغيرهم من الذين علموا الناس جماليات الحرف ( عربي وأفرنجي ) .
خروج اخير
اتركوا جيشنا يعمل في صمت حتى تنقشع سحابة الجنجويد السوداء ويعم السلام ارجاء الوطن العزيز ۔
سفر القوافي
