هذا مؤرخ عالمي يوضح قوة المرأة السودانية بل جداتنا الأول في صنع حضارتنا حين كنا ملوكا لسائر منطقة حوض النيل ، إذ يوضح المؤرخ انتا ديوب كيف أنه بداية من العام 10000 قبل الميلاد، كانت النساء في افريقيا هن الرائدات في حقل الزراعة المنظمة، مما صنع الظروف المسبقة لتحقيق الفائض والثروة والتجارة. وكانت النساء الافريقيات هن المسؤولات عن الاختراع الأكبر لرفاه الجنس البشري، وتحديداً الأمن الغذائي. وكانت ممارسة الزراعة المنظمة هي التي جعلت التوسع السكاني وفوائض الغذاء ونجوم الحضارة أموراً ممكنة.
ضمت الحضارات الأمية لما قبل الرأسمالية في افريقيا حضارة زازاو النيجرية، وكانداكي السودانية ( مملكة كوش ) ، ونزينغا الأنغولية وأشانتي الغانية وغيرها الكثير. وكان النظام الافريقي الجوهري متجلياً ومستداماً أكثر ما يكون في مصر القديمة (السوداء). وقد تمتعت النساء في مصر القديمة بتحكم تام في الممتلكات المنقولة وغير المنقولة مثل العقار على حد سواء في العام 3000 قبل الميلاد. وحتى وقت متأخر من الستينيات، لم يكن بإمكان نساء في بعض أنحاء الولايات المتحدة المطالبة بهذا الحق.تكشف نظرة أكثر عمقاً في ورق البردى المصري عن أن ذلك المجتمع كان أمياً بشكل صارم، وأن التوريث والنسب كانا يتمان من خلال الخط الأنثوي. وكانت النساء المصريات يتمتعن بنفس الحقوق القانونية والاقتصادية مثل الرجال المصريين، وقد انعكس الدليل على ذلك في الفن المصري والمخطوطات التاريخية. وكانت مصر تمثل مجتمعاً لا نظير له، لكن عدم المساواة كانت مستندة إلى الاختلافات في الطبقات المجتمعية بقدر أكبر بكثير مما تعلقت بالاختلافات الجندرية.
نعرف من وثائق قانونية قديمة أن النساء كن على إدارة الممتلكات الخاصة والتصرف بها، بما في ذلك: الأراضي والسلع المحمولة والخدم والرقيق والماشية والأدوات المالية، مثل الهبات والوقفيات والسنويات. وكان باستطاعة المرأة أن تدير ممتلكاتها بشكل مستقل وبملء إرادتها. وفي العديد من المقابر التي جرى نبشها، كانت القبور الأكثر ثراء هي تلك التي تعود لنساء. وقد شكلت الأدوار المستقلة والقيادية للنساء المصريات القديمات جزءاً من نمط الثقافة الإفريقية التي كانت قد بدأت قبل عشرات آلاف الأعوام واستمرت حتى الأزمنة الحديثة، إلى أن أحضر الأوروبيون الرأسمالية والمسيحية إلى إفريقيا.
في الستينيات من القرن التاسع عشر، كتب المستكشف الكولونيالي الدكتور ديفيد ليفينغ ستون عن مقابلته لرئيسات إناث في الكونغو. وفي معظم الأنظمة الملكية في إفريقيا التقليدية كانت هناك امرأة أو اثنتان في المراتب الأعلى، واللواتي شغلن موقعاً موازياً لذلك الموقع الذي يشغله الملك أو مكملاً له.
بالإضافة إلى ذلك، توضح المؤرخة في التاريخ الافريقي القديم البروفيسورة باربرا ليسكو كيف أن علماء الأنثروبولوجيا الذين درسوا التاريخ الافريقي وسجلات المسافرين الأوائل والإرساليات أخبرونا بأنه “في كل مكان في إفريقيا يحفر المرء فيه السطح، فإنه يستطيع أن يجد بيانات إثنية- تاريخية تفيد بأن النساء كن يتقاسمن السلطة مع الرجال”.
لكن النساء السوداوات عانين في ظل الحكم الكولونيالي – الاستعماري – السيئ من تفرقة ذات حدين من عدم التمكين والتمييز، لأنهن نساء ولأنهن سود البشرة على حد سواء.
من الصعب بالنسبة للعديد من الناس القبول بأن التفرقة العصرية والعدوانية، الظواهر السائدة في عالم اليوم، لم تكن ملمحاً تاريخياً دائماً للإنسانية. وفي الحقيقة، فإن مجرد فكرة “العرق” وأيديولوجية وممارسة العنصرية هي مفاهيم حديثة نسبياً.
على سبيل المثال، يعيد المؤرخون إلى الأذهان كيف أن الرومان واليونانيين لم يخصصوا أي وصمة للون بشرة الشخص، ولم تكن هناك نظريات عن دونية البشرة الغامقة. ولم تكن العبودية في المجتمعات القديمة تعرَّف باللون، وإنما بشكل رئيسي بالحظوظ العسكرية: الشعوب التي تتعرض للغزو كانت تسترق بغض النظر عن اللون.
قبل الكولونيالية مباشرة، كانت النساء الإفريقيات مساويات للرجال إلى حد كبير. وقد صنعت القيمة الكبرى لعمالة النساء الإفريقيات المنتجات في تصنيع ومعالجة الغذاء حقوقهن في الفضاءات المحلية والسياسية والثقافية والاقتصادية والدينية والاجتماعية -من بين فضاءات أخرى. ولأن النساء كن مركزيات في هذه المجتمعات ما قبل مجتمع الطبقات، كانت اللامساواة المنهجية بين الجنسين غير موجودة، حيث تمتعت النساء الأكبر سناً بشكل خاص بمنزلة أعلى. ثم، مع خلق الاقتصاد الكولونيالي الرأسمالي (الهيمنة والسّيطرة) ، جاء تهميش النساء بعدة طرق أولهاً، دخول صكوك الملكية الذي جعل الرجال المالكين الوحيدين للأرض. وتبعاً لذلك، ونظراً لفقدان النساء الوصول والسيطرة على الأرض، أصبحن بازدياد معتمدات اقتصادياً على الرجال. وأفضى ذلك بالتالي إلى تكثيف الأبوية المحلية المعززة بمؤسسات مجتمعية كولونيالية.
ومع استمرارالاستعمار الغربي في تكريس نفسها على التراب الإفريقي، انخفضت الأهمية الملموسة للمساهمة الزراعية التي كانت تقدمها المرأة للمنزل على نحو كبير، نظراً لأن دورهن المحوري في إنتاج الغذاء اختفى خلف زراعة المحاصيل الجالبة للنقود، الأكثر إغراء للسوق الدولية، والتي يهيمن عليها الرجال. وقبل الكولونيالية، كانت النساء يسيطرن على التجارة. ولم تكن الأسواق تضبط بقيم الربح الصرف، وإنما بالحاجة الأساسية إلى التبادل والرفاه والنشاط المجتمعي. ولم تكن الأنظمة الاقتصادية الإفريقية رأسمالية في طبيعتها ۔
خروج اخير
حققت ورشة الملتقي الاستراتيجي الأول للاعلام والامن الوطني الذي نظمته الاداراة العامة للتوجيه المعنوي بالتعاون مع المركز العسكري للبحوث والدراسات الاستراتيجية باكاديمية نميري العسكرية العليا ومركز صوفيلارا ميديا سنتر التي اقيمت صباح الاحد الماضي بمباني جامعة التقانة ، حققت الهدف الذي اقيمت من اجله تماما ۔۔ فقد جاءت الاوراق الثلاث التي قدمت في الورشة متناغمة مع العنوان العريض ( الملتقى الاستراتيجي الأول للإعلام والامن ) ، وسبرت اغواره وجاءت توصياتها متسفة مع الراهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تصبو اليه بلادنا وهي تعيش اجواء حرب قذرة اشعل اوارها الجنجويد وعاسوا فسادا في عدد من ولايات البلاد ولكن القوات المسلحة القمتهم حجرا وبه تقهقروا الى جحورهم كالجرذان ۔
الملتقى حمل آمال وتطلعات اهل السودان ۔ ولنا عودة ۔