في حضرة الملك بعانخي وعودة سوق أم درمان
ودنقلا حاضرة الولاية الشمالية تحتضن فعاليات الملتقى التنسيقي السابع لوزراء الثقافة الولائيين ابان العهد الإنقاذي المقبور ، كان أهل الثقافة في السودان حضورا ، بإختلاف أعراقهم ومكوناتهم الثقافية والفكرية التي تشكل هذا الوطن الفريد في كل شئ بقيادة كوكبة من وزارة الثقافة ، ولكن زيارتنا لمجمع متاحف كرمة كانت سانحة لمشاهدة هذا الصرح الثقافي الضخم في ولاية التاريخ والأجداد الأوائل لكل السودانيين ، مباني المتحف العملاق شيدت بتقنيات عالمية وبداخله تجد نفسك قد عدت الى الوراء 9000 سنة قبل الميلاد ، ليضحض المتحف بمكوناته كل ما يقول به البعض في إقليمنا بأن هناك حضارة إنسانية ما قد سبقت الحضارة السودانية .
وفي جامعة دنقلا وبالتحديد في كلية السياحة والفندقة التي أشرف على إنشائها مع نفر كريم من ابناء الولاية المرحوم عزالدين السيد ، كانت محاضرة البروفيسور العلامة يوسف فضل عن تاريخنا المنسي كاشفا الضوء عن ( دفوف كرمة ) أو (الدفوفة ) ، فحلق بنا في آفاق بعيد نسترجع تاريخا ناصعا ليته يعيد إلينا بعضا من الدعم النفسي لكي نتسيد العالم من جديد بمثلما فعل أجدادنا بعانخي وتهارقا والكنداكات العظيمات .
ولكن وزارة الثقافة كانت سباقة في ( لملمة) أدواتها من أجل الحفاظ على تراثنا الثر وغير المسبوق اقليميا وقاريا وعالميا ، فحشدت العلماء والمختصين من أجل وضع الخطط والآليات لصون إرثنا التاريخي ( مادي وغير مادي ) فجاءت الورقة التي أعدها الأستاذ إسماعيل على الفحيل وقدمها الدكتور أسعد عبدالرحمن وعقب عليها وزير الثقافة والإعلام والسياحة ولاية شمال كردفان الاسبق الدكتور خالد المبارك وحملت عنوان ( أهمية قوائم حصر التراث غير المادي ) ، كانت ورقة بحثية قيمة مهد لها الدكتور خالد بقوله: أن التراث غير المادي أو التراث الفكري هو الماضي يعانق الحاضر ويستشرف المستقبل ، مضيفا أن الباحثين يحصرون تعريفه في ( الكلمة واللحن والإيقاع ) معطيا نمازجا حية له بقول بنونة بنت المك ( ماهو الفافنوس .. ماهو الغليد البوص ) ومهيرة بت عبود ( غنيت العديلة لي عيال شايق ) وخادم الله بت الصفا ( عجبوني الليلة جو ترسوا البحر صددوه ) وكلتوم بت جابر ( يسلم لي خال فاطنة ) وغيرهن من مبدعات بلادي المنسيات .
فيما عرف مقدم الورقة التراث غير المادي بأنه يقتصر على التقاليد وأشكال التعبير الشفهي ، وفي فنون وتقاليد أداء العروض ، وأيضا في المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون نهاية بالمهارات المرتبطة بالفنون الحرفية ، وأبان الدكتور أسعد أن هذا التقسيم لمجالات التراث غير المادي ليس تقسيما نهائيا لأن التراث يوجد مجتمعا ومتداخلا وليس مستقلا ، وحدد كيفية صون التراث غير المادي في ( نقل المعارف والمهارات والمعاني ) .
ولكن هناك مشكلة في ( فرز الكيمان ) تراث مادي وغير مادي ، فكيف نفرق بينهما ؟ الدكتور: أسعد يقول، أنه رغم إرتباط عناصر التراث غير المادي في كثير من الأحيان بالتراث المادي ، لذلك تدرج الإتفاقية العالمية لصون التراث غير المادي في تعريفها كل الآلات والقطع والأدوات والمصنوعات والأماكن الثقافية به في خانة التراث غير المادي رغم ماديتها بسبب التداخل الواضح .
خروج أول
الولاية الشمالية تشهد تنمية كبيرة ولكن جل المناطق التي زرناها أو مررنا بها كانت شبه خالية ، لتكمل في رأسي ذات اللوحة التي شاهدتها في جنوب وغرب كردفان مؤخرا وفي بعض ولايات دارفور سابقا ، وتبقى الهجرة الى الخرطوم تحتاج الى تنظيم من ديوان الحكم الإتحادي ، وإلا فإن منزل في دنقلا الجميلة أو البرقيق أو كرمة لايمكن لعاقل أن يبدله بأي حي خرطومي ( ناشف ) .
خروج أخير
بالأمس القريب تفقد والى الخرطوم سوق أمدرمان الكبير الذي اضحى اطلالا ، يرافقه أعضاء مبادرة السوق وقف من خلالها على جهود المحلية لإزالة مخلفات الحرب وتعرف من خلال الجولة على المعوقات التى تواجه التجار وتعهد بالعمل على تذليلها.
وأعلن الوالي لدى مخاطبته اللقاء الحاشد الذي نظمه تجار سوق أمدرمان عن تضامنه مع التجار الذين نهبت المليشيا المتمردة اسواقهم ، وكشف الوالى عن مشاورات جارية مع البنوك لإعادة إفتتاح أفرعها بالسوق باعتباره من أعرق الأسواق على مستوى السودان ۔
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب في حضرة الملك بعانخي وعودة سوق أم درمان !!
