29.7 C
Khartoum
الأربعاء, سبتمبر 17, 2025

صدح الكنار ،،،،،، النذير ابراهيم العاقبة مبادرة عقار.. بصيص أمل

إقرأ ايضا

في خواتيم العام الماضي 2024م أطلق الفريق مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة مبادرة لعقد مؤتمر جامع لكل أهل السودان، بكل مكوناتهم السياسية وغير السياسية ودون إستثناء،
وهدفت المبادرة والرامية لعقد مؤتمر جامع لكل أهل السودان، وتشمل بالطبع كل الأحزاب والقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ومؤسسات المجتمع المدني بجانب الإدارة الأهلية والطرق الصوفية والجماعات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني الحديثة الثقافية والفنية والإعلامية والإقتصادية وغيرها، هدفت لأجل بناء حاضنة وطنية شاملة تؤسس لبناء دولة المواطنة الحديثة، ولإصلاح العلاقة بين كافة مكونات العملية السياسية في السودان، والمبادرة في حد ذاتها ليست بالخطوة العادية سياسياً، وإنما تأتي بمثابة بصيص أمل، وفي وقت السودان فيه في أمس الحاجة لعقد تصالحات شاملة تفضي بالضرورة إلى وقف الفوضى العارمة التي شملت كل مدن وقرى البلاد، حيث لم تستثنى الحرب الدائرة منذ الخامس عشر من أبريل الماضي وحتى بيتاً سودانياً لم يتأثر بها، ناهيك عن حالة الخصام السافر بين كل القوى السياسية المدنية مع المكون العسكري والمتمثل في القوات المسلحة السودانية، مقابل دعمها اللامحدود لمليشيا الدعم السريع المتمردة التي هي السبب الرئيسي في إندلاع هذه الحرب.
ولعل مبادرة عقار تروم وبشكل أساسي لأن تزيل بوادر الخلاف أولاً بين المكونات السياسية والوطنية السودانية وبناء علاقة ثقة وتعاون تالياً تؤسس لشراكة بينها والمكون العسكري في السودان، لخلق شبكة أمان وسط وطن مُضَّطرِب سياسياً وأمنياً.
المصالحة السودانية، وإيقاف الحرب التي دمرت كل البلاد وقضت على الأخضر واليابس في السودان، هي الهدف الرئيسي من مسعى عقار، في وقت يكاد أنه قد ترسخ في أذهان كل الشعب السوداني أن أي جهود لعقد مصالحة في هذا الأوان بالتحديد، لن يُكتب لها النجاح بالمعنى والمحتوى المطلوب.
وظني الراسخ، ومن منطلق القبول الكبير الذي يتمتع به الفريق مالك عقار وسط كل القوى السياسية السودانية، فلاشك لدي البتة أن مبادرته هذه ستعود للبلاد كافة بالنفع الكبير متى ما لقيت عزم أكيد وجاد من الجهات المستهدفة كافة، ودون إستثناء، لإنجاح هذه المبادرة ووصولاً إلى تحقيق سلام شامل وتكامل سياسي واسع النطاق، ووصولاً إلى علاقات سياسية فاعلة وواثقة لكل المجالات سواء الأمنية والسياسية أو الإقتصادية أو غيرها من المجالات الأخرى.
وبما أن الفعل السياسي هو فعل قائم على الفهم الذهني لخارطة الدولة ومصالحها العامة، ومراكز القوى، والعلاقات السياسية التي تبتني عليها شبكة من المصالح السياسية والإقتصادية والأمنية، فلذا، فإن السياسة وبلاشك تحتاج لعقل هادئ تغلُب فيه المصالح على المفاسد، وأن لا يكون انفعالياً أو ارتجالياً، أو مستنداً قائماً على نزعات فردانية تحتكم إلى الضغائن ورِدّات الأفعال، لأنه في مثل هذا الحال ستنزع الدولة كافة إلى الصدام والحروب المستدامة، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى خسائر بشرية وإقتصادية وخلق بيئات حاضنة للكراهية والحركات العنيفة، ويؤسس لمشروعية العنف الممنهج.
ولاشك أن في السودان الآن من يتغذى في فهمه السياسي وبنائه لمساره العام على مفاهيم الغَلَبَة والقَهر والإستحواذ، وهي بالطبع مفاهيم تعود لزمن ما قبل الدولة الحديثة، وما قبل الدولة المدنية، كون هذه المفاهيم لا تنسجم مع تطور العقل البشري من جهة، ولا مع طبيعة العلاقة بين مكونات الدولة الحديثة من جهة أخرى.
ولعل المصالحة السياسية والتي عناها عقار هنا، والهادفة للوصول إلى أرضية مشتركة حول الملفات محل الخلاف، هي ديدن العقلاء الذين يرومون مصلحة شعوبهم واستقرار بلدانهم وتنميتها، وهي ديدن من لديه النظرة البعيدة، نظرة من يتجاوز الأحقاد ويهرب من الحروب، ليس خوفاً أو جبناً، وإنما دراية بما تسببه الحروب من كوارث وويلات.
والحصيف سياسياً هو من يلتقط القفاز بكل أريحية ويختصر المسافة، ويعبر إلى السلم مباشرة، دون المرور بجحيم الحروب، لأن الحرب حتى وهي في نهاياتها، ستقود لتفاهمات بين المتصارعين، ولذا من الأولى والأحسن أن تتم هذه التفاهمات باكراً، دون تطويل آماد سفك الدماء وهدر الطاقات وأموال الشعب والحكومة.
والمصالحة بين القوى السياسية الوطنية والمدنية السودانية إن كُتِب لها النجاح، فدون شك ستؤسس لمنهج يؤمن بالعقلانية السياسية، وتقود تالياً لتفاهمات فاعلة بين هذه القُوى، وستؤدي إلى وقف الصراع الدموي في البلاد، والعنف الدائر الآن في كل ربوع السودان، وتؤدي إلى المشاركة في حوار جِدِّي وعَمَلي مع القوى السياسية الوطنية والمدنية كافة حول برنامجها المستقبلي لتطوير السودان والخروج به من وهدته الراهنة، حال توفُر الإرادة السياسية لديها، وقطعاً كل ذلك سينعكس إيجاباً حتى على الوضع الصعب في البلاد.
وظني وإن كان البعض يرى هذه المبادرة التي أطلقها الفريق مالك عقار مُجرَّد أمنيات، إلا أن هذه الأحلام بالإمكان تحقيقها إذا ما عرفنا أن الحوار والمصالحة هما السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من جحيم الفوضى المستشرية في كل أنحائه طوال التسعة أشهر الماضية.
فهل نطمع في تجاوب مثمر وإيجابي من قِبَل القوى السياسية والمدنية السودانية كافة في الارتقاء والإرتفاع لمستوى الوطنية الحقَّة والموافقة على هذه المبادرة والجلوس إلى مائدة مستديرة لأجل الوصول إلى إتفاق سلام شامل يُنهِي مُعاناة الشعب السوداني ويرتقي بالدولة السودانية إلى مصاف الدول المتقدمة والمتنعمة بالأمن والإستقرار والسلام المستدام؟!.

مقالات تهمك أيضا

الأكثر قراءة